للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكلام على هذا في محورين:

أولًا: حسن خلقها - رضي الله عنها - صفة عامة ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفة خاصة.

ثانيًا: الكلام على الروايات التي حصل لهم هذا الوهم بسببها.

المحور الأول: حسن خلقها - رضي الله عنها - مع النبي - صلى الله عليه وسلم -: أذكر بعض الروايات عن أم المؤمنين - رضي الله عنها - لبيان حسن أخلاقها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -:

١ - عن عائشة أنها قالت: أقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يدخل على نسائه شهرًا، قالت: فلبث تسعًا وعشرين. قالت: فكنت أول من بدأ به. فقلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أليس كنت أقسمت شهرًا فعدت الأيام تسعًا وعشرين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الشهر تسع وعشرون". (١)

ووجه الدلالة أنها لو كانت سيئة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخذت تنتظره وتعد الأيام كما صرحت بذلك في رواية الإمام مسلم فقالت: لما مضت تسع وعشرون ليلة أعدهن دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: بدأ بي، فقلت: يا رسول الله، إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرًا وإنك دخلت من تسع وعشرين أعدّهن، فقال: "إن الشهر تسع وعشرون".

٢ - وعن عائشة - رضي الله عنها - تقول: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي هاتين حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف وبسطت يديها. (٢)

ووجه ذلك أن المرأة التي تطيب زوجها بيديها مع كونه يتصف باللين معها ولا يجبرها على مثل ذلك. لا شك أنها حسنة الأخلاق مع هذا الزوج وتدبر هذا في امرأة من نساء زماننا تضع الطيب بيديها على رأس زوجها وتسرح له شعره من غير ما يأمرها بذلك وهو رجل سهل لين، فهل يقول أحد عنها أنها امرأة سيئة الخلق مع زوجها؟ !

٣ - عن عائشة - رضي الله عنها -: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره فأخذت السواك فقضمته ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستن به فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) أحمد (٦/ ٣١٥)، والبخاري (١٩٢١٠)، ومسلم (١٠٨٣).
(٢) البخاري (١٥٣٩)، ومسلم (١١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>