للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف في العمل بالقراءة الشاذة، فنقل إمام الحرمين في البرهان عن ظاهر مذهب الشافعي أنه لا يجوز، وتبعه أبو نصر القشيري، وجزم به ابن الحاجب؛ لأنه نقله على أنه قرآن ولم يثبت، وذكر القاضيان أبو الطيب والحسين والروياني والرافعي العمل بها تنزيلًا لها منزلة خبر الآحاد، وصححه ابن السبكي في جمع الجوامع وشرح المختصر، وقد احتج الأصحاب على قطع يمين السارق بقراءة ابن مسعود، وعليه أبو حنيفة أيضًا واحتج على وجوب التتابع في صوم كفارة اليمين بقراءته (مُتَتابِعَاتٍ)، ولم يحتج بها أصحابنا لثبوت نسخها (١).

[التفصيل]

القول الأول: إنها ليست حجة ولا يثبت بها حكم، وهذا ظاهر مذهب الشافعي والذي قاله أئمة المذهب، والمالكية وظاهر كلام ابن حزم ورواية عن أحمد.

قال إمام الحرمين الجويني: ظاهر مذهب الشافعي أن القراءة الشاذة التي لم تنقل تواترًا لا يسوغ الاحتجاج بها، ولا تنزل منزلة الخبر الذي ينقله آحاد من الثقات، ولهذا نفى التتابع واشتراطه في صيام الأيام الثلاثة في كفارة اليمين، ولم ير الاحتجاج بما نقله الناقلون من قراءة ابن مسعود في قوله تعالى (فَصِيَامُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتتابِعَات) (٢)

وقال الغزالي: القراءة الشاذة المتضمنة لزيادة في القرآن مردودة كقراءة ابن مسعود في آية كفارة اليمين (فَصِيَامُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتتابِعَات)، فلا يشترط التتابع. (٣)

وقال النووي: مذهبنا أن القراءة الشاذة لا يحتج بها، ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).


(١) الإتقان للسيوطي (١/ ٢٢٨)، وأشار إلى هذا الاختلاف شيخ الإسلام في الفتاوى (٤/ ٤٢ - ٤٣)، وانظر: البحر المحيط للزركشي (١/ ٤٧٥)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (٢/ ١٣٩)، والمغني لابن قدامة (١١/ ٢٧٣)، والغزالي في المنخول (٢٨١ - ٢٨٢)، والمهذب في علم أصول الفقه المقارن د/ عبد الكريم النملة (٢/ ٤٨٢)، والبرهان للجويني (١/ ٢٥٧)، والحاوي الكبير (١٩/ ٣٨٩ - ٣٩٠)، والتبيان في آداب حملة القرآن للنووي (٤٧).
(٢) البرهان للجويني (١/ ٢٥٧).
(٣) المنخول للغزالي (٢٨٢).
(٤) شرح مسلم (٥/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>