للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كانت مخالطة أهل الشرك مظنة الفساد الذي ربما أدى إلى التهاون بالدين فربما دعا الزوج زوجته إلى الكفر فقاده الميل إلى إتباعه؛ قال منبهًا على ذلك ومعللًا لهذا الحكم: {أُولَئِكَ} أي: الذين هم أهل للبعد من كل خير {يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} أي: الأفعال المؤدية إليها ولا بد، فربما أدى حب الزوج المسلم إلى الكفر، ولا عبرة باحتمال ترك الكافر للكفر وإسلامه. (١)

[الوجه الثالث: حكمة منع المسلمات من نكاح الكفار.]

١ - الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه.

الحكمة من منع زواج المسلمة من كتابي أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، فالزوج له قوامة على زوجته، وهذا ممنوع في حق الكافر، قال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} ثم إنه لا يُؤمَن على المرأة -وهي تميل إلى العاطفة أكثر من الرجل- أن تتأثر بزوجها إذا دعاها لدينه، وكذلك لا يؤمن على الأولاد أن يتابعوا أباهم على كفره، فهذه بعض الحِكم من منع زواج المسلمة بالكتابي، أما زواج المسلم بالكتابية فليست فيه هذه المفاسد فالقوامة للمسلم، وقد يؤثر عليها فيهديها اللَّه تعالى على يديه، كما أنه مكلف بتنشئة أولاده تنشئة إسلامية تقيهم متابعة أمهم في دينها، وإذا قصر في ذلك فهو محاسب أمام اللَّه، كما أن المسلم إذا تزوج كتابية فهو يؤمن بكتابها -غير المبدل- ورسولها، فيكوَّن معها أساسًا للتفاهم في الجملة يمكن معه للحياة أن تستمر، أما الكتابي فإذا تزوج بمسلمة فهو لا يؤمن بدينها ولا أحكامه إطلاقًا، ولا مجال للتفاهم معه في أمر لا يؤمن به كلية، وبالتالي فلا مجال للتفاهم والوئام، ولهذا منع هذا الزوج ابتداء.

فللمسلم أن يتزوج باليهودية أو النصرانية، وليس لليهودي أو النصراني أن يتزوج بالمسلمة، وقد بيَّن الباري جل وعلا السبب بقوله: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} أي: يدعون إلى الكفر الذي هو سبب دخول نار جهنم، فالرجل له سلطة وولاية على المرأة، فربما


(١) نظم الدرر (١/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>