للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فمهما طالت فهي قصيرة) وترغب في الآخرة (الأبدية)، فمن باب أولى ألا تذكر الدنيا ولا أي إشارة إليها من قريب أو من بعيد؟

١ - لمعرفة المنهج الذي يعيش الناس عليه في الدنيا (من عبادات، ومعاملات)؛ ليضمنوا سعادة الآخرة.

٢ - لإصلاح الأرض؛ فإن إصلاحها بطاعة اللَّه.

[الوجه الثالث: المقصود سماء وأرض المحشر يوم القيامة.]

أننا إذا فسرنا العرض بأنه خلاف الطول، وتصور ذلك أن يريد به أن يكون عرضها في النشأة الآخرة كعرض السموات والأرض في النشأة الأولى؛ وذلك أنه قد قال: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} (إبراهيم: ٤٨)، ولا يمتنع أن تكون السموات والأرض في النشأة الآخرة أكبر مما هي الآن (١).

قلت: فتكون الأرض في هذه الحالة أكبر من تلك الأرض التي نعيش عليها الآن؛ فيصح بذلك أن نذكرها عند ذكر السموات؛ فإن أرض المحشر تتسع لجميع الخلق من إنس وجن وحيوانات وملائكة.

[الوجه الرابع: ذكرت الأرض هنا لدخولها فى جملة مساحة السموات.]

قال ابن حزم: قام البرهان من قبل رؤيتنا لنصب السماء أبدًا على أنه لا نسبة للأرض عند السماء ولا قدر، وقال -عز وجل-: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} وقال تعالى: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} وذكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن للجنة ثمانية أبواب، وقال -عليه السلام-: "فاسألوا اللَّه الفردوس الأعلى؛ فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوق ذلك عرش الرحمن"، فصح يقينا أنهما جنتان: أحدهما كعرض السموات والأرض، والأخرى عرضها كعرض السماء والأرض، وقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (الرحمن: ٤٦) إنما هو خبر عن الجميع أن لهم هاتين الجنتين، فالتي عرضها السموات والأرض هي السموات السبع؛ لأن عرض


(١) انظر: مفردات القرآن للراغب؛ (كتاب العين) ١/ ٩٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>