الإله، إذ إن المسيح إله مطلق في نظرهم وابن الإله متساوٍ معه من القدم.
إذًا فالقول بقتل الإله خروج عن العقل والدين معًا، فالإله الذي لا يستطيع دفع الضرر عن نفسه ليس بإله ولا يستحق الإلوهية، فإن قالوا قُتل الناسوت، فهذا القول يناقض قولهم بأن المسيح ليس ناسوتًا محضًا مع أنهم يطلقون القول بالصلب، إذًا فقد ثبت بطلان وتناقض قد صُلب مع أنه إله؟ (١).
[الوجه الثامن: ما الفائدة من إرسال الرسل إذا كان الخلاص لا يقم الا بصلب الإله؟]
فلو كان الإنسان واقعًا تحت حكم اللعنة والخطيئة التي لا يُرجى خلاص منهما إلا على يد الله في تلك الصورة التي تنتهي بصلب الإله وإراقة دمه، فلو كان الأمر كذلك لما كان هناك داعٍ لإرسال الرسل إلى الخلق مبشرين ومنذرين، ولا تزال الكتب التي تحض على الفضائل، ولما كان هناك داعٍ لأي عمل يعمله الإنسان، ولما كان هناك فرق بين محسن ومسيء.
الوجه التاسع: إذا كان الناسوت مأخوذًا من مريم، فكيف لا يلوثه الخطية المورثة (المزعومة) كسائر الخلق؟
وإذا كان المسيح باعتبار ناسوته من نسل آدم مولود من مريم، وتكوَّن من رحمها ودمها، فهو كباقي أولاد آدم واقع في الذَّنْبَ، فهو أيضًا يحتاج إلى كفارة مثلهم، وإذًا يكون غير طاهر ولا معصومًا من الذنوب كما تزعمون لأن (ابن الإنسان الخاطئ) وناسوته مخلوق من مريم بمقتضى التولد الجثماني، وإن كان لم يتلوث بذنب آدم، فلِمَ لم يتلوث غيره، وكلنا من نسل آدم وطبيعتنا هي من طبيعته، أو أن الله طهره من الخطيئة بحلوله فيه، فإذًا يجوز التطهير من الذنوب بدون سفك الدم، وهو خلاف ما تدعون، وإن كان حلول الابن مطهرًا من ذلك، فلِم لم يطهركم حلول روح القدس فيكم، وكلكم هيكل الله الحي كما يقول بولس (أفسس ٤/ ٦) "، (أعمال الرسل ٢/ ٤).
فإذا كان حلول الله أو أحد أقانيمه في الإنسان مطهرًا له من الذنوب، فأية حاجة إذًا إلى صلب المسيح؛ ولمَ لم يحصل موت شهدائهم الكثير بزعمهم كفارة عن باقي النوع الإنساني،