للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك أن اللَّه حرم القذف بالزنى كما في قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)} (النور: ٤: ٥).

وفي الكلام حذف، المعنى والذين يرمون المحصنات بالزنى، ثم حذف لأن قبله ذكر الزانية والزاني (١)، وأثنى اللَّه في كتابه على مريم عليهما السلام بقوله: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)} (مريم: ٢٨).

[الدليل الثالث: ومن ذلك ما جاء في السنة]

فعن أبي مسعود الأنصاري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن. (٢)

قال ابن عبد البر: في هذا الحديث ما اتفق عليه وفيه ما اختلف فيه، فأما مهر البغي: والبغي الزانية، ومهرها ما تأخذ على زناها، فمجتمع على تحريمه، تقول العرب بغت المرأة إذا زنت تبغي بغاء فهي بغي وهن البغايا، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} يعني زانية، وقال {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} يعني الزنا وهو مصدر.

وقال أيضًا: ولا معنى من شبه المهر اليسير بمهر البغي؛ لأن مهر البغي لو كان قنطارًا لم يجز ولم يحل لأن الزنى ليس على شروط النكاح بالشهود، والولي، والصداق المعلوم، وما يجب للزوجات من حقوق العصمة وأحكام الزوجية. (٣)


(١) معاني القرآن للنحاس ٤/ ٥٠٣.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (١٣٣٨) رواية يحيى الليثي باب بيع اللحم باللحم، والبخاري (٥٣٤٦، ٥٧٦١) باب ثمن الكلب، وباب مهر البغي والنكاح الفاسد، ومسلم (١٥٦٧) باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي والنهي عن بيع السنور.
(٣) التمهيد ٢/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>