للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عباس قال: هي في قراءة أُبي: (قبل موتهم) فليس يهودي يموت أبدًا حتى يؤمن بعيسى، قيل لابن عباس: أرأيت إن خرَّ من فوق بيت؟ قال: يتكلم به في الهوي، فقيل: أرأيت إن ضربت عنق أحد منهم؟ قال: يتلجلج به لسانه، وقال أيضًا: كل صاحب كتاب ليؤمنن به - بعيسى - قبل موت صاحب الكتاب، لو ضربت عنقه لم تخرج حتى يؤمن بعيسى، وقال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ابن مريم وإن ضرب بالسيف يتكلم به، وإن هو يتكلم به وهو يهوي، وقال: لو أن يهوديًا وقع من فوق البيت لم يمت حتى يؤمن بعيسى - عليه السلام - وقال: ليس من يهودي ولا نصراني يموت حتى يؤمن بعيسى ابن مريم، فقال له رجل من أصحابه: كيف والرجل يغرق أو يحترق أو يسقط عليه الجدار أو يأكله السبع؟ فقال: لا تخرج روحه من جسده حتى يقذف فيه الإيمان بعيسى (١).

وفائدة الإخبار بإيمانهم بعيسى قبل موتهم الوعيد، ويكون علمهم بأن لا بد لهم من الإيمان به عن قريب عند المعاينة وأن ذلك لا ينفعهم بعثًا لهم وتنبيهًا على معالجة الإيمان به في أوان الانتفاع به، وليكون إلزامًا للحجة لهم (٢).

[الوجه الثالث: إيمان الكتابي بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.]

قول الله - عز وجل -: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩)} يحتمل أن يكون المعنى: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - قبل موت الكتابي.

قال عكرمة: لا يموت النصراني واليهودي حتى يؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

فمن فسر هذه الآية: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} بأن المعنى أن كل كتابي لا يموت حتى يؤمن بعيسى أو بمحمد عليهما الصلاة والسلام فهذا هو الواقع،


(١) تفسير الطبري (٦/ ٢٠)، والتفسير الكبير (١١/ ١٠٤)، وابن كثير (٤/ ٣٤٢)، والآلوسي (٦/ ١٢)، والكشاف (١/ ٥٨٨).
(٢) الكشاف (١/ ٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>