للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الحادي عشر: أن دولة معاوية - رضي الله عنه - لم تقم على الظلم، وإهدار الحقوق، وتعطيل الشرع بل قامت على العدل والحق والجهاد في سبيل الله تعالى.]

قال ابن تيمية: لم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرٌ من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرًا منهم في زمن معاوية، إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده، وإذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل.

وقد روى أبو بكر بن الأثرم -ورواه ابن بطه من طريقه عن قتادة قال: لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم: هذا المهدي. وروى ابن بطه بإسناده الثابت من وجهين عن الأعمش، عن مجاهد قال: لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدي، وروى الأثرم عن أبي هريرة المكتب قال: كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله، فقال الأعمش: فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا في حلمه؟ قال: لا والله، بل في عدله.

وفضائل معاوية في حسن السيرة والعدل والإحسان كثيرة، وفي الصحيح أن رجلا قال لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية إنه أوتر بركعة قال أصاب إنه فقيه.

وروى البغوي في معجمه بإسناده، ورواه ابن بطة من وجه آخر كلاهما عن سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر عن قيس بن الحارث عن الصنابحي عن أبي الدرداء قال ما رأيت أحدا أشبه صلاة بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إمامكم هذا يعني معاوية.

فهذه شهادة الصحابة بفقهه ودينه والشاهد بالفقه ابن عباس وبحسن الصلاة أبو الدرداء وهما هما والآثار الموافقة لهذا كثيرة (١).

وقال ابن خلدون في اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين قال: "إن دولة معاوية وأخباره كان ينبغي أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين، وأخيارهم فهو تاليهم في الفضل، والعدالة، والصحبة.


= ولها طريق ثالث أخرجها ابن عساكر (٥٩/ ٢١٤) من طريق يزيد بن أبي زياد به. ويزيد بن أبي زياد قال ابن فضيل: كان من أئمة الشيعة الكبار، وقال يحيى: لا يحتج بحديثه، وذكره ابن المبارك فقال: ارم به. انظر: سير أعلام النبلاء (٦/ ١٢٩) والإسناد إليه. فيه فياض بن محمد الرقي: قال عبد الرحمن بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال: لا أعرفه الجرح والتعديل (٥/ ١٩٧)، وقال مرة: لا أدري من هو. الجرح والتعديل (٧/ ٤٩).
(١) منهاج السنة (٦/ ٢٣٢ - ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>