للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أنها إن وقعت فلا تتكرر بل هي على سبيل الندرة لأن كثرتها تلحقها بالكبائر. وَهُمْ مَعْصُومُونَ عن دَوَامِ الخطَأ (١).

٦ - أنها إن وقعت فتتدارك بالتوبة (٢).

٧ - أنها إن وقعت فلا تقدح في مناصبهم.

قال القرطبي: الذي ينبغي أن يقال إن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ونسبها إليهم وعاتبهم عليها، وأخبروا بها عن نفوسهم وتنصلوا منها وأشفقوا منها وتابوا، وكل ذلك ورد في مواضع كثيرة لا يقبل التأويل جملتها وإن قبل ذلك آحادها، وكل ذلك مما لا يزري بمناصبهم، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم على جهة الندور وعلى جهة الخطأ والنسيان، أو تأويل دعا إلى ذلك فهي بالنسبة إلى غيرهم حسنات وفي حقهم سيئات، بالنسبة إلى مناصبهم وعلو أقدارهم، إذ قد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه السائس، فأشفقوا من ذلك في موقف القيامة مع علمهم بالأمن والأمان والسلامة. قال: وهذا هو الحق. ولقد أحسن الجنيد حيث قال: حسنات الأبرار سيئات المقربين. فهم -صلوات الله وسلامه عليهم- وإن كان قد شهدت النصوص بوقوع ذنوب منهم فلم يخل ذلك بمناصبهم ولا قدح في رتبهم، بل قد تلافاهم واجتباهم وهداهم ومدحهم وزكاهم واختارهم واصطفاهم، صلوات الله عليهم وسلامه (٣).

[حكم من قال بجواز وقوع الصغائر على الأنبياء بهذه الضوابط.]

قال ابن تيمية: واتفق علماء المسلمين على أنه لا يكفر أحد من علماء المسلمين المنازعين في عصمة الأنبياء والذين قالوا: إنه يجوز عليهم الصغائر والخطأ ولا يقرون على ذلك لم يكفر أحد منهم باتفاق المسلمين فإن هؤلاء يقولون: إنهم معصومون من الإقرار على ذلك ولو كفر هؤلاء لزم تكفير كثير من الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية


(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢/ ١٥٩، تفسير القرطبي ١/ ٣٢١، البحر المحيط في أصول الفقه ٤/ ١٧٢.
(٢) البحر المحيط ٤/ ١٧٠، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ٤/ ٥٨٥.
(٣) تفسير القرطبي ١/ ٣٢١ - ٣٢٢، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ٤/ ٥٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>