الذبح لغير الله تعالى، وجعله من المحرمات {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}، فكيف وهم يذبحون لعزازيل وهو الشيطان بزعمهم.
[خصوصية الحج في الإسلام]
وهذا يتضح بجلاء من خلال معاينة النقاط التالية:
١ - لقد خطا الإسلام بالضمير الإنساني شوطًا بعيدًا في جميع المناسك والعبادات، فالمسلم لا يحج إلى الكعبة ليعزز فيها سلطان الكهان أو ليقدم إليهم القرابين والإتاوات، وإنما هي فريضة للأمة وفي مصلحة الأمة، وعلى شريعة المساواة بين أبناء الأمة، وهي بهذه المثابة فريضة اجتماعية تعلن فيها الأمم الإسلامية وحدتها، والمساواة بين الكبير والصغير أمام الله وعند بيت الله.
أي جاذبية تلك التي تجمع هذا العدد العظيم من الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم؟ ، وعلى الرغم من هذا يتحد تفكيرهم بعد المجيء إلى مكة، فالكل يسير نحو هدف مشترك حتى إنه ليبدو أن هناك مغناطيسًا ربانيًا يجذب كل هؤلاء إلى نقطة واحدة مشتركة، وهذا التوحد والانصهار إنما يعيد صياغة المسلم بقوة واقتدار، فيريه جنسيته الحقيقية، إنه مسلم، وهذه جنسيته الحقيقية التي منحه إياها الإسلام، وهذا الوطن المعنوي الذي يحتل الأرض كلها والسماء له عليه حقوق، وإخوانه في هذه الجنسية لهم عليه حقوق، وهذا الفهم يحدث اتساعًا في مدارك المسلم بقدر اتساع آفاق الإسلام.
٢ - إن هؤلاء اليهود والنصارى يعيبون شعيرة الرجم في الإسلام ويعيبون تقبيل الحجر الأسود ويعتبرون ذلك من بقايا الوثنية، والإسلام بريء من افتراءاتهم، فإن تعظيم المسلم للمناسك وأماكنها تعظيم لله تعالى، وهم على الرغم من ذلك يبعدون النجعة في فهمهم لمعنى الضحية، فيقدمون ضحيتين إحداهما لله والأخرى لروح الشر التي يمثلها عزازيل، فإن التضحية ليست في الإسلام طعامًا للكهان أو طعامًا للإله أو قربانًا لكسب الرضى من عزازيل، ولكنها صدقة أو سخاء من النفس في سبيل العبادة، يشير بها الإنسان إلى واجب الضحية بشيء من الدنيا في سبيل الدين متجشمًا لذلك مشقة الرحلة وتكاليفها جهد المستطيع، وهي في الإسلام تطهير النفس وطعمة للفقراء والمساكين، فإنها تعني إراقة دم الرذيلة بيد اشتد ساعدها في بناء الفضيلة، ورمز للتضحية والفداء على مشهد من جند الله الأطهار الأبرار،