للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأعمش: فذكرت لإبراهيم، فقال: إنَّ شريحًا كان يعجبه رأيه، إنَّ عبد الله كان أعلم من شريح، وكان عبد الله يقرأها: (بَلْ عَجِبْتُ). (١)

قال أبو يعلى الفراء بعد أن ذكر ثلاثة أحاديث في إثبات صفة العَجَب: "اعلم أنَّ الكلام في هذا الحديث (يعني: الثالث) كالكلام في الذي قبله، وأنه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه وحمله على ظاهره؛ إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه؛ لأنا لا نثبت عَجَبًا هو تعظيم لأمر دَهَمَه استعظمه لم يكن عالمًا به؛ لأنه مما لا يليق بصفاته؛ بل نثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته". (٢)

وقال قوَّام السُّنة الأصبهاني: "وقال قوم: لا يوصف الله بأنه يَعْجَبُ؛ لأن العَجَب ممَّن يعلم ما لم يكن يعلم، واحتج مثبت هذه الصفة بالحديث، وبقراءة أهل الكوفة: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}؛ على أنه إخبار من الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن نفسه". (٣)

وقال ابن أبي عاصم في (السُّنة): "باب: في تَعَجُّبِ ربنا من بعض ما يصنع عباده مما يتقرب به إليه"، ثم سرد جملة من الأحاديث التي تثبت هذه الصفة لله -عَزَّ وَجَلَّ-. (٤)

[الوجه الرابع: ماذا في كتبهم عن التعجب؟]

[يسوع الرب عندهم يتعجب]

كما جاء في إنجيل لوقا (٧: ٩): وَلمَّا سَمِعَ يَسُوعُ هذَا تَعَجَّبَ مِنْهُ، وَالْتَفَتَ إِلَى الْجَمْعِ الَّذِي يَتْبَعُهُ وَقَال: "أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلَا فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا بِمِقْدَارِ هذَا! ".

* * *


(١) رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤٣٠، ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات ص ٥٨٧؛ بسند صحيح عن الأعمش قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه.
(٢) إبطال التأويلات ص ٢٤٥.
(٣) الحجة ٢/ ٤٥٧.
(٤) السنة ١/ ٢٤٩، وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٤/ ١٨١، ٦/ ١٢٣ و ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>