بن الخطاب حين دخلها سلمًا ووقَّع مع أهلها ما عُرف بالعُهدة العمرية التي ما زالت بنودها محترمة حتى يومنا هذا بين المسلمين والمسيحيين من مختلف الطوائف.
٥ - فتح سمرقند: في ولاية عمر بن عبد العزيز وفد عليه قوم من أهل سمرقند، ورفعوا إليه أن قائده قتيبة بن مسلم الباهلي قد دخل مدينتهم وأسكن المسلمين فيها بغير حق -أي بغتة دون إنذار- فكتب عمر إلى عامله هناك أن ينصّب لهم قاضيًا ينظر فيما ذكروا، فنصّب لهم القاضي جميع بن حاضر الباجي يحكم بينهم، فحكم القاضي المسلم بإخراج المسلمين من سمرقند.
وإن المرء ليتساءل: هل يمكن لجيش أن يغادر مدينة قد احتلها بقرار من القاضي، وهل حدث هذا في التاريخ؟ والجواب موثق عندنا، في تاريخنا، ليدل على أن هذا الدين يبتغي سلام الناس جميعًا، ولا يحب العدوان والمعتدين، ولعل هذه الحادثة هي الوحيدة التي حدثت في تاريخ البشرية كله.
٦ - فتح القدس الصلاحي: حين احتل الفرنجة القدس أعملوا في أهلها السيف، قتلوا ما يزيد على سبعين ألف شخص، وحين استعادها صلاح الدين من أيديهم لم يشأ أن يعاملهم بالمثل، ورفض أن يذبحهم مثلما فعلوا، بل اكتفى بفدية لمن قدر على دفعها، وعامل الضعفاء من الشيوخ والنساء والأطفال معاملة كريمة: أعطى الأمان لمن بقى منهم في القدس، وكانوا يزيدون على ألف شخص، وسمح للباقين أن يخرجوا بأموالهم وجواهرهم دون أن يلحق بهم أذى، وحماهم طوال طريقهم من أي عدوان عليهم حتى من قطاع الطرق.
فالإسلام لا يعرف لغة الدم، ولا لغة الانتقام، وما صلاح الدين الأيوبي وعمر بن عبد العزيز وعمر بن الخطاب سوى تلامذة مقلدين يسيرون على هدي رسولنا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا الطريق.
[الإسلام وسلام الزمان.]
اقتطع الإسلام ثلث الدهر ليجعل منه وقت سلام يأمن فيه الناس على أموالهم وأنفسهم، فكانت الأشهر الحرم الأربعة من كل عام وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، قال