للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو زيد: في جميع الجسد، واللهز: الضرب بجمع اليد في الصدر مثل اللكز؛ عن أبي عبيدة أيضًا. وقال الأصمعي: نكزه أي: ضربه ودفعه، الكسائي: نهزه مثل نكزه ووكزه أي: ضربه ودفعه. (١)

ففعل موسى - عليه السلام - ذلك وهو لا يريد قتله، إنما قصد دفعه فكانت فيه نفسه، وهو معنى: {فَقَضَى عَلَيْهِ} (٢).

ولو كان موسى - عليه السلام - قاصدًا القتل لاستخدم وسائل القتل كما هو معروف.

[الوجه الثالث: أن موسى - عليه السلام - لم يتعمد قتله، وإنما قصد دفعه.]

إن فعل موسى - عليه السلام - كان من قبيل دفع الصائل - دفع ظالم عن مظلوم - وهو لا إثم عليه فيه، وأشار له القرطبي بقوله: وإنما أغاثه لأن نصر المظلوم دين في الملل كلها على الأمم، وفرض في جميع الشرائع. (٣)

[الوجه الرابع: إشكالات، والرد عليها.]

الأول: أما عن قول موسى - عليه السلام -: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} فالجواب عليه من وجوه:

الوجه الأول: أنَّ قوله: "هذَا" إشارة إلى عمل المقتول لا إلى عمل نفسه أي: عمل هذا المقتول من عمل الشيطان، والمراد منه بيان كونه مخالفًا لله تعالى مستحقًا للقتل (٤).

الوجه الثاني: أنَّ قوله: "هذَا" إشارة إلى المقتول، يعني: أنه من جند الشيطان وحزبه، يقال: فلان من عمل الشيطان، أي: من أحزابه. (٥)


(١) تفسير القرطبي ١٣/ ٢٧١ بتصرف، البحر المحيط ٧/ ١٠٥، المحرر الوجيز ٤/ ٢٨٠، وانظر كتاب العين (وكز)، مختار الصحاح (وك ز)، تاج العروس (وهز).
(٢) جاء في تأويلها أن الضمير يعود لله - عز وجل - أي: فقضى الله سبحانه عليه بالموت فقضى بمعنى حكم، وقيل: يحتمل أن يعود على الصدر المفهوم - على الوكز نفسه - أي فقضى الوكز عليه أي أنهى حياته. البحر المحيط ٧/ ١٠٥، روح المعاني ٢٠/ ٥٤، التحرير والتنوير ٢٠/ ٩٠.
(٣) فتح البيان ١٠/ ١٠٠، تفسير القرطبي ١٣/ ٢٦٩، روح المعاني ٢٠/ ٥٤.
(٤) تفسير الرازي ٢٤/ ٢٣٤، تفسير الخازن ٣/ ٣٦٠، فتح البيان ١٠/ ٩٨، تفسير النيسابوري سورة القصص آية ١٥، تفسير اللباب سورة القصص آية ١٥.
(٥) تفسير الرازي ٢٤/ ٢٣٤، تفسير الخازن ٣/ ٣٦٠، فتح البيان ١٠/ ٩٨، فتح القدير ٤/ ٢٣٠، تفسير اللباب سورة القصص آية ١٥، تفسير النيسابوري سورة القصص آية ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>