للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كل حال وسواءً كانوا بشرًا أو لم يكونوا كذلك لدينا معطيات علمية دقيقة بشكل كاف في مجال علم السلالات البشرية ترجع ببدء تاريخ نشأة البشر على سطح الأرض إلى تاريخ أبعد بكثير في الماضي من العصر الذي يحدده سفر التكوين لأوائل البشر، مما ينشأ عنه تعارض بين حقائق العلم بشأن بدء ظهور الإنسان على سطح الأرض وبين الحقائق الحسابية التي يقدمها سفر التكوين في هذا الصدد. (١)

وصدق الله العظيم إذ يؤكد أن البشرية ضاربة جذورها في التاريخ قرونًا طويلة، فيقول: {قَال فَمَا بَال الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١) قَال عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)} [طه: ٥١ - ٥٢]، وقال أيضًا: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨)} [الفرقان: ٣٨]، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} [إبراهيم: ٩]. (٢)

[٣ - الطوفان]

أولًا: تمهيد:

يروي لنا الإصحاح السادس والإصحاح السابع والإصحاح الثامن من سفر التكوين قصة الطوفان.

ونحن لا نجد في الحقيقة قصة واحدة للطوفان بل نجد قصتين، لم توضع إحداهما بعد إتمام الأخرى، ولكن تباعدت وتداخلت أجزاء إحداهما في الأخرى مع محاولة مكشوفة لمحاولة التنسيق بين الأحداث المختلفة. وإليك هذه النصوص:

أولًا: الإصحاح السادس: ١ وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثرونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلدَ لهُمْ بَنَاتٌ، ٢ أَنَّ أَبْنَاءَ الله رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا. ٣ فَقَال الرَّبُّ: "لَا يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ. وَتَكُونُ


(١) التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث (٦٥ - ٦٧)
(٢) هل العهد القديم كلمة الله (١٧١ - ١٧٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>