للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجملت المرأة الجاهلية وتزينت على قدر حالها وإمكانها، ومن وسائل الزينة: الوشم غرز إبرة ونحوها في عضو حتى يسيل الدم ثم يحشى بنؤور أو بالكحل أو بالنيلج أو نحوها فيزرق أثره أو يخضر، وكانوا يقصدون بذلك التزّين فينقشون به غالب أبدانهم، أنواعًا من النقوش من صور حيوانات أو نبات أو صور إنسان وكذلك الشفاه، فترى غالب شفاه نسائهم زرقًا، والأطفال منهم يوشمون في بعض المحال من وجوههم لقصد الزينة. وكذلك الرجال، وذكر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن ذلك في حديث: (لعن الله الواشمة) أو (لعن الله الواشمة والمستوشمة)، ويضفر شعر رأس الأطفال ذوائب، أي ضفائر تتدلى على رأسه وعلى ناصيته. ومتى كبر الطفل وبلغ سنّ الرشد، أو شعر برجولته، ضفرت له ذؤابتان، وهي علامة الشباب والرجولة عندهم (١).

[الوجه الخامس: أنواع الزينة التي يستعملها الرجال في مختلف الحضارات.]

فيحكي ول ديورانت عن أنواع الزينة التي يتزين بها ملوك مصر في فترة من الفترات فيقول: (وكان يقف على خدمة الملك - كما يليق بشخص هذه عظمته - عدد كبير من مختلف الأعوان منهم القوّاد، وغاسِلو الملابس، وقُصّارها، وحراس خزائنها، وغير هم من ذوي المراتب الرفيعة. وكان عشرون من الموظفين يشتركون في تزيينه، منهم حلّاقون لا يسمح لهم إلا بقص شعره وحلْق لحيته، وآخرون لإلباسه قلنسوته وتاج رأسه، ومدرمون يقصون أظافره ويدرمونها، ومعطرون يعطرون جسمه ويكحلون جفون عينيه، ويحمرون خديه وشفتيه بالصبغة الحمراء. وجاء في نقش على أحد القبور أن صاحب القبر كان "المشرف على صندوق دهان الشعر والوجه، المسيطر على الدهان) (٢).

وفي عصر موليير في فرنسا في أوج عظمتها: راح موليير يهاجم مهنة الطب ... وقد خُيِّل إليه أن الأطباء قتلوا ابنه بأنهم وصفوا له حجر الكحل (الأنتيمون) (٣).


(١) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ١/ ٢٤٤٤.
(٢) قصة الحضارة ١/ ٣٤٣.
(٣) قصة الحضارة ٢٩/ ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>