المبحث الثاني: تعدد زوجات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-
ومما يتعلق بمسألتنا في التعدد، تعدد زوجات نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث قال المعترض إن هذا يدل على أنه كان شهوانيًا يجري وراء هواه، وهل يبيح كتاب من عند اللَّه لرسول من عند اللَّه أن يتزوج بمن ملكت يمينه من الأسرى وبأية امرأة تهواه فتهبه نفسها إن وقع هو في هواها؟
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يتزوج بكرًا إلا عائشة، ولم يعدد -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بعد بلوغ سن الشيخوخة.
فأما رد الشبهة بصفة عامة فهناك نقطتان جوهريتان تدفعان الشبهة عن النبي الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتلقمان الحجر لكل مفتر أثيم؛ يجب ألا نغفل عنهما، ونضعهما نصب أعيننا حين نتحدث عن أمهات المؤمنين وعن حكمة زوجاته الطاهرات، هاتان النقطتان هما:
١ - لم يعدد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- زوجاته إلا بعد بلوغ سن الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين.
٢ - جميع زوجاته الطبيات الطاهرات ثيبات أرامل ما عدا السيدة عائشة -رضي اللَّه عنها- فهي بكر، وهي الوحيدة من بين نسائه التي تزوجها في حالة الصبا والبكارة، ومن خلال هاتين ندرك بكل وضوح بطلان هذا الادعاء الذي ألصقه به المستشرقون الحاقدون، فلو كان المراد من الزواج الجري وراء الشهوة أو السير وراء الهوى أو مجرد الاستمتاع بالنساء لتزوج في سن الشباب لا في سن الشيخوخة، ولتزوج الأبكار الشابات لا الأرامل المسنات، وهو القائل لجابر بن عبد اللَّه حين جاءه وعلى وجهه أثر التطيب والنعمة:"هل تزوجت؟ ، قال: نعم، قال: بكرًا أم ثيبًا، قال: بل ثيبًا، فقال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك؟ "
فالرسول الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم- أشار عليه بتزوج البكر، وهو صلوات اللَّه عليه يعرف طريق الاستمتاع وسبيل الشهوة، فهل يعقل أن يتزوج الأرامل ويترك الأبكار، ويتزوج في سن الشيخوخة ويترك سن الصبا إذا كان غرضه الاستمتاع والشهوة؟ خصوصًا والصحابة