للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن قتيبة: وخبَّرني - يعني أباه - عن أبي عبيدة أنَّه رُبَّما وافق الأعجميُّ العَرَبيَّ. قالوا: غَزْل سَخْت، أي: صُلْب. والزُّور: القوّة. والدست: الصحراء وهي بالفارسية: دَشْت. ولم يكن ذهب إلى أنَّ في القرآن شيئًا من غير لغة العرب. وكان يقول: هو اتّفاق بين اللسانين. وخبَّرنا بمثل ذلك عن أبي عبيدة عبد الله بن محمد بن هانئ. وكان غيره يزْعُم أن القُسْطاس: الميزان بلغة قوم من الروم. والمِشْكاة: الكُوَّة بلسان الحبَشة، والسِّجَيل بالفارسية: سَنْك وكَلِ. والطُور: الجَبَل بالسّريانية. واليمُّ: البحر بالسريانية. (١)

وقال ابن جرير: ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن إنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك؛ إنما اتفق فيها توارد اللغات، فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد. (٢)

[الوجه السادس: إن كل ما في القرآن من كلمات غير عربية الأصل؛ إنما هي كلمات مفردات.]

نعم، أسماء أعلام مثل: إبراهيم، يعقوب، إسحاق، فرعون، وهذه أعلام أشخاص، أو صفات مثل: طاغوت، حبر، إذا سلمنا أن كلمة طاغوت أعجمية.

قال القرطبي: لا خلاف بين الأئمة أنه ليس في القرآن كلام مركب على أساليب غير العرب، وأن فيه أسماء أعلامًا لمن لسانه غير لسان العرب كإسرائيل، وجبريل، وعمران، ونوح، ولوط. (٣) بالنظر إلى الكلمات المذكورة تجد أن عددًا منها كان أسماء شخصيات وأماكن - وما يتعلق بها - لا يمكن إلا أن تُسمَّى باسمها، ولا يوجد عاقل يطلب تسميتها بغير اسمها، بل لو فعل القرآن الكريم ذلك، لعدَّه خصومه مثلبة! (٤)

الوجه السابع: إن وجود مفردات أجنبية في أي لغة سواء كانت اللغة العربية أو غير العربية لا يخرج تلك اللغة عن أصالتها.


(١) غريب الحديث لابن قتيبة (٢/ ٣٤١) وانظر: أدب الكاتب لابن قتيبة أيضًا (١/ ١٠٥).
(٢) الإتقان (١/ ٣٩٣).
(٣) تفسير القرطبي (١/ ٦٨)، والمهذب فيما وقع في القرآن من المعرب (١/ ١).
(٤) اللفظ المعرب في القرآن الكريم (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>