للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنَعت، ولا مانع لما أعطيت، فالملك كله لك، والحكم كله لك، لك الخلق والأمر. (١)

[الآية الرابعة]

{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣)} [النحل: ٩٣].

فالله سبحانه وتعالى له الملك وله الحكم ولا معقب لحكمه ولا شريك له في أمره ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

فإن الإنسان إذا ملك بيتا أو قطعة أرض فهو يرى في نفسه أنه يعمل فيها ما يشاء سواء كان ببيعها أو هبتها أو إهدائها، أو بنيانها أو شيء يريد أن يعمله وهو يعتقد أنه لا شريك له فيها.

فكيف بخالق هذا الكون سبحانه ومالكه ولا شريك له فيه؛ أليس له الأمر كله في تصرفه في ملكه كيف يشاء سبحانه؟ !

ولكنه سبحانه موصوف بالعدل والرحمة، فلا يحاسب عبده إلا بعدله، ولا يدخله في نعيمه إلا برحمته. وهو الحكيم الخبير بشؤون خلقه.

قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربكم أيها الناس للطف بكم بتوفية من عنده، فصرتم جميعًا جماعة واحدة، وأهل ملة واحدة لا تختلفون ولا تفتر قون، ولكنه تعالى ذكره خالف بينكم، فجعلكم أهل ملل شتى، بأن وفَّق هؤلاء للإيمان به، والعمل بطاعته، فكانوا مؤمنين، وخذل هؤلاء فحَرَمهم توفيقه فكانوا كافرين، وليسألنكم الله جميعا يوم القيامة عما كنتم تعملون في الدنيا فيما أمركم ونهاكم، ثم ليجازينكم جزاء المطيع منكم بطاعته، والعاصي له بمعصيته. (٢)


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٥١).
(٢) تفسير الطبري (١٤/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>