للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرواية الخامسة: قال مقاتل: زوّج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش من زيد فمكثت عنده حينًا، ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - أتى زيدًا يومًا يطلبه، فأبصر زينب قائمة، وكانت بيضاء جميلة جسيمة من أتمّ نساء قريش، فهويها وقال: "سبحان الله مقلب القلوب"، فسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن زيد فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كبرًا، تعظم عليّ وتؤذيني بلسانها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك عليك زوجك واتق الله"، وقيل: إن الله بعث ريحًا فرفعت الستر وزينب مُتَفَضَّلة في منزلها، فرأى زينب فوقعت في نفسه، ووقع في نفس زينب أنها وقعت في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لما جاء يطلب زيدًا، فجاء زيد فأخبرته بذلك، فوقع في نفس زيد أن يطلقها. (١)

الرواية السادسة: قال ابن إسحاق: مرض زيد بن حارثة فذهب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده، وزينب ابنة جحش امرأته جالسة عن رأس زيد، فقامت زينب لبعض شأنها، فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم طأطأ رأسه، فقال: "سبحان مقلب القلوب والأبصار"، فقال زيد: أطلقها لك يا رسول الله، فقال: "لا"، فأنزل الله - عز وجل - {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} إلى قوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (٢).

[الوجه الحادي عشر: اضطراب الروايات في متونها.]

وبعد أن تبين ضعف هذه الروايات وسقوطها من جهة أسانيدها، فلننظر فيها من جهة متونها وما فيها من اضطراب ونكارة، من عدة وجوه:


= على أن روايته لتفسير الآية ليس فيه تفصيل كما في الروايات الأخرى، ويمكن ردّ روايته إلى الروايات الصحيحة في تفسير الآية، فيكون معنى (أحب) و (ودّ) أي علم أن زيدًا سيطلقها ولا بد بإلهام الله له ذلك، وتكون خشيته من مقالة الناس حينئذٍ أن يقولوا: تزوج حليلة ابنه.
(١) ذكرها القرطبي في تفسيره (١٤/ ١٩٠) بدون إسناد، ومقاتل كذبه بعض أهل العلم، ولا حجة في روايته ولا في قوله، ولو صحت إلى مقاتل لم تكن حجة، فإن مقاتلًا وهو: مقاتل بن سليمان فيما يظهر قد كذبه جمع من الأئمة ووصفوه بوضع الحديث، وتكلموا في تفسيره. انظر: ترجمته في التهذيب (١٠/ ٢٧٩ - ٢٨٥).
(٢) وهذه مرسلة وابن إسحق لم يدرك الحكاية ومراسيله واهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>