السمل ومخرجهما متقارب قال وقد يكون من المسمار يريد أنهم كحلوا بأميال قد أحميت.
الحرة: أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة. (١)
ثانيًا: المعنى الإجمالي للحديث:
هؤلاء القوم قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا ثمانية، سنة ٦ من الهجرة من قبيلة عكل وعرينة، وكان بهم سقم وهو الهزال الشديد والجهد من الجوع، فكانت ألوانهم مصفرة، فبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام فأسلموا وكانوا يسكنون المسجد مع أهل الصفة.
وقالوا: إن المدينة وخمة فهو من حمى المدينة وذلك لأنه قد وقع بالمدينة الموم: بضم الميم وسكون الواو: وهو البرسام بكسر الموحدة: سرياني معرب أطلق على اختلال العقل، وعلى ورم الرأس، وعلى ورم الصدر والمراد هنا الأخير.
فطلبوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشربوا من اللبن فأمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا بالإبل ومعهم الراعي، وهذه الإبل كانت إبل الصدقة، ومعها إبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، وبالفعل خرجوا وشربوا من ألبانها وأبوالها، فصحوا وسمنوا ورجعت إليهم ألوانهم، ثم بعد ذلك كفروا نعمة الله عليهم، فكفروا بالله تعالى -أي ارتدوا- وقتلوا الراعي، ثم أخذوا الإبل، وفروا هاربين، فجاء الخبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول النهار، فبعث في آثارهم، وبالفعل جيء بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهنا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم هذه الأمور، فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يحسمهم؛ والحسم هو: الكي بالنار لقطع الدم، والمعنى: لم يكوِ ما قطع منهم بالنار لينقطع الدم بل تركهم ينزفون.
قال ابن بطال: إنما ترك حسمهم لأنه أراد إهلاكهم.
وسمَّر أعينهم أي: فقأ أعينهم وذلك بأنه أحمى مسامير فكحلهم بها وذلك بأن يدني من العين حديدة محماة حتى يذهب نظرها.
وجعلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض الحرة؛ لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا.
(١) فتح الباري لابن حجر ١/ ٤٠١: ٤٠٧، شرح صحيح مسلم ٦/ ١٧٠: ١٧٢.