للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جُرَيْج: كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض، فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي فذلك استمتاعهم، فاعتذروا يوم القيامة، وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان -فيما ذكر- ما ينال الجنّ من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم، فيقولون: قد سدنا الإنس والجن (١). وقال سبحانه وتعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٦٩)} (التوبة: ٦٩).

قوله عز وجل: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ}، قيل بنصيبهم من خيرات الدنيا، ويحتمل استمتاعهم باتباع شهواتهم، وفيه: أنه استمتاعهم بدينهم الذي أصروا عليه (٢).

قال الشنقيطي: أي أنتم كالذين من قبلكم، فعلتم كفعل الذين من قبلكم، وقد وعد اللَّه المنافقين كوعد الذين من قبلكم، ولعنهم كلعنهم، ولهم عذاب مقيم كالعذاب الذي لهم (٣).

وقال سبحانه وتعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} (الأحقاف: ٢٠).

{وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} أي: بالطيبات، والمعنى: أنهم اتبعوا الشهوات واللذات التي في معاصي اللَّه سبحانه، ولم يبالوا بالذنب تكذيبًا منهم لما جاءت به الرّسل من الوعد بالحساب والعقاب والثواب (٤).

ويؤيده قول القرطبي: أي تمتعتم بالطيبات في الدنيا واتبعتم الشهوات واللذات، يعني المعاصي (٥).

الوجه الثالث: الاستمتاع في السنة يراد به الزواج الشرعي.


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٣٦).
(٢) النكت والعيون (٢/ ٣٨٠).
(٣) أضواء البيان (٤/ ٢٥٨).
(٤) فتح القدير (٥/ ٣١).
(٥) تفسير القرطبي (١٦/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>