للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآلوسي: والحق أن المراد بالطائفة هنا جماعة يحصل بهم التشهير، والزجر وتختلف قلة وكثرة بحسب اختلاف الأماكن والأشخاص فرب شخص يحصل تشهيره وزجره بثلاثة وآخر لا يحصل تشهيره وزجره بعشرة، وللقائل بالأربعة هنا وجه وجيه كما لا يخفى (١).

وقال أبو بكر الجصاص: والأولى أن تكون الطائفة جماعة يستفيض الخبر بهما ويشيع فيرتدع الناس من مثله؛ لأن الحدود موضوعة للزجر والردع (٢).

ثانيًا: في بيان العلة من حضور الطائفة.

ذكر ابن القيم أيضًا أنه من خصائص حد الزنا: أنه سبحانه أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين فلا يكون في خلوة حيث لا يراهما أحد وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر (٣).

قال ابن كثير: هذا فيه تنكيل للزانيين إذا جُلِدا بحضرة الناس، فإن ذلك يكون أبلغ في زجرهما، وأنجع في ردعهما، فإن في ذلك تقريعًا وتوبيخا وفضيحة إذا كان الناس حضورًا (٤).

وقال القرطبي: فيه قولان للعلماء أن المراد بحضور الجماعة، هل المقصود بها الأغلاط على الزناة والتوبيخ بحضرة الناس، وأن ذلك يدع المحدود، ومن شهده وحفره يتعظ به ويزدجر لأجله، ويشيع حديثه فيعتبر به من بعده، أو الدعاء لهما بالتوبة والرحمة (٥).

وقال الكاساني: وينبغي أن تقام الحدود كلها في ملأ من الناس لقوله تبارك وتعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، والنص وإن ورد في حد الزنا لكن النص الوارد فيه يكون واردا في سائر الحدود دلالة لأن المقصود من الحدود كلها وهو زجر العامة وذلك لا يحصل إلا وأن تكون الإقامة على رأس العامة لأن الحضور ينزجرون بأنفسهم


(١) روح المعاني ١٨/ ٨٤.
(٢) أحكام القرآن ٥/ ١٠٦.
(٣) الداء والدواء (٢١١).
(٤) تفسير ابن كثير ٣/ ٣٤٨.
(٥) تفسير القرطبي ١٢/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>