للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ ابْنَ أختي وَجِعٌ. فَمَسَحَ رأسي وَدَعَا لي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَربْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ (١).

[الوجه الثاني: توجيه هذه الأحاديث.]

أولًا: أنَّ المراد بالفضل الماء الذي يبقى في الظروف بعد الفراغ.

والوضوء الذي ابتدره الناس كان فضل الماء الذي توضأ به النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ثانيًا: قوله يأخذون من فضل وضوئه كأنهم اقتسموا الماء الذي فضل عنه.

ثالثًا: ويحتمل أن يراد به الماء الذي يتقاطر عن أعضاء المتوضئ وهو الماء الذي يقول له الفقهاء: الماء المستعمل (٢).

فالأغلب أنَّها كانت غسالة أعضائه - صلى الله عليه وسلم - وإلا لما فعل بها الصحابة ما فعلوا؛ لأن ما يفضل من وضوئه في الإناء، مثل ما يفضل من وضوئه من البئر؛ فلولا كان الذي أخرجه بلال فضل وضوئه لما فعلوا به ما فعلوا (٣).

قلت: وإن كان المراد بفضل الوضوء ما تقاطر من أعضائه - صلى الله عليه وسلم - من الماء؛ فهذا لا قذارة فيه كما سيأتي في الوجه التالي.

[الوجه الثالث: هذا من التبرك المشروع.]

أولًا: تعريف التبرك، وأنواعه، وحكمه، والفرق بينه وبين التوسل.

تعريف التبرك: هو طلب البركة، والتبرك بالشيء طلب البركة بواسطته.

أنواع التبرك: ينقسم التبرك إلى قسمين: مشروع، وممنوع:

التبرك المشروع: أي الذي شرعه الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهو إما يكون واجبًا، أو مستحبًا، أو مباحًا.

* * *


(١) البخاري (١٩٠).
(٢) فتح الباري ١/ ٤٧٥، عمدة القاري ٤/ ٢٨٣.
(٣) اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>