للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء ومن على شاكلتهم مستأمنون لا يجوز قتالهم ولا التعرض لهم أو أذيتهم.

[الواجب على المسلمين تجاه المستأمنين]

جعل الإسلام في شريعته الغراء حقوقًا واجبة للمستأمنين يجب الوفاء بها وأداؤها تجاههم، وأرشد المسلمين إلى كيفية التعامل معهم، كما أوجب عليهم حقوقًا تجاه المسلمين الذين أمنوهم في ديارهم. فمن تلك الحقوق الواجبة على المسلمين تجاههم:

١ - العدل معهم وعدم التعدي عليهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم؛ بل ولا يجوز ترويعهم وإخافتهم، ويعاملون بالعدل والقسط.

قاد تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

قال البيضاوي: "لا يحملنكم شدة بغضكم للمشركين على ترك العدل فيهم، فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل، كقذف وقتل نساء وصبية ونقض عهد تشفيًّا مما في قلوبكم: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، أي: العدل أقرب للتقوى، صرَّح لهم بالأمر بالعدل، وبيَّن أنَّه بمكانٍ من التقوى بعدما نَهاهم عن الجور، وبيَّن أنَّه مقتضى الهوى، وإذا كان هذا العدل مع الكفار فما ظنك بالعدل مع المؤمنين؟ " (١).

وقال ابن كثير: "ومن هذا قول عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- لما بعثه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزرعهم، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم، فقال: والله لقد جئتكم من عند أحبِّ الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من أعدادكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبِّي إيّاه وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم، فقالوا: بِهذا قامت السموات والأرض (٢).

وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن آبائهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ": "أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا وَانْتَقَصَهُ وَكَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا


(١) تفسير البيضاوي ٢/ ٢٢٢.
(٢) تفسير القرآن العظيم ١/ ٥٦٥، والحديث رواه أحمد في مسنده ٢/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>