للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر: إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها أنها معان متفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافًا ينفيه ويضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده وما أشبه ذلك (١).

[الوجه السادس: هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.]

قال صاحب عون المعبود: هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ كَمَا رَخَّصَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي اللُّغَات السَّبْع كَذَلِكَ رَخَّصَ لَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي رُءُوس الْآيَات بِمَا يُنَاسِبُ الْمَقَام مِنْ أَسْمَاء الله تَعَالَى مِنْ غَيْر تَقْيِيدٍ بِبَعْضٍ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ هَذَا التَّغَيُّر وَالتَّبَدُّل لِكُلِّ أَحَد، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي ذَلِكَ عُمُومًا؛ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْقِرَاءَة عَلَى مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَلَيْهِ أَكْثَر الْأَئِمَّة مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف وَالله أَعْلَمُ (٢).

الوجه السابع: هذا الحكمُ إنما كان قبل الإجماع على ترتيب القرآن في المصحف العثماني

إن هذا الحكم إنما كان قبل الإجماع على ترتيب القرآن في المصحف العثماني، فلما وقع الإجماع على منع تغيير الناس القرآن لم يجُز لأحد أن يجْعل موضع "سميع عليم" مثلا "عزيزًا حكيمًا"، ونحو ذلك قصدًا وعمدًا، ولكن إذا جرى على لسانه من غير قصدٍ إلى التغيير فلا بأس بذلك، حتى لو كان في الصلاة لا تفسدُ صلاته (٣).

[الوجه الثامن: كانوا يفعلون ذلك قبل العرضة الأخيرة.]

قال ابن تيمية: هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة، فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهم - أن جبريل - عليه السلام -


(١) التمهيد ٨/ ٢٨٤، الإتقان في علوم القرآن ١/ ٥٢.
(٢) عون المعبود ٣/ ٤٠٨.
(٣) شرح أبي داود للعيني ٥/ ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>