للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا؟ ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا، والله ما رأينا منهم رجلًا يسألكم عن الذي أنزل عليكم. (١)

فهذه من أعظم شهادات كبار الصحابة، لصدروها عن حبر هذه الأمة بتحريف اليهود والنصارى لأسفارهم. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ). قال الحافظ في الفتح: "أي لم يخالطه غيره". وهي إشارة جلية من ابن عباس - رضي الله عنه - على أن كتب أهل الكتاب قد اختلطت بالتحريف والكذب، فلم تُصبح نقية، أما القرآن فلم يخالطه غيره.

قال الحافظ: "قوله (أَفلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ وَلَا وَالله مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْألكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيكُمْ) فيه تأكيد الخبر بالقسم، وكأنه يقول: لا يسألونكم عن شيء مع علمهم بأن كتابكم لا تحريف فيه، فكيف تسألونهم وقد علمتم أن كتابهم محرف". (٢)

٥ - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: (أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى) (٣).

وكان هذا في وجود معظم الصحابة - رضي الله عنه -، مما يعني علمهم اليقيني مما استاقوه من كلام ربهم وفهمهم لسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - أن اليهود والنصارى قد حرفوا أسفارهم فاختلفوا من بعد ذلك يكفر بعضهم بعضًا.

٦ - وعن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال: (كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم عليه السلام بدلوا التوراة والإنجيل وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة) (٤).

[ثالثا: أقوال العلماء في التحريف]

١ - قال العلامة ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ


(١) رواه البخاري (٦٩٢٩).
(٢) فتح الباري ١٣/ ٤٩٩.
(٣) أخرجه البخاري (٤٦٠٤).
(٤) رواه النسائي (٥٤٠٠)، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>