للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد بالسماء السّقْفَ لقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا}.

ومن تأنيث المذكر قول الشاعر:

أتَهجُرُ بيتًا بالحجازِ تلفّعَتْ ... به الخوفُ والأعداءُ من كلّ جانبِ (١)

أَنَّث الخوفَ لأنه ذهب به إلى المخافة، ومثله بيتُ الحماسة:

يا أيها الراكِبُ المزجي مطيّتُه ... سائلْ بني أسَدٍ ما هذه الصّوتُ (٢)

أنّث الصوت؛ لأنه ذهب به إلى الاستغاثة، وإذا جازَ تأنيثُ المذكر في كلامِهم حمْلًا على المعنى، وهو منهم حملُ الأصلِ على الفرع، كان تذكيرُ المؤنث أجدرَ بالجَوازِ من حيثُ كان الأصلُ هو التذكير، ومن الحسَنِ الجميلِ ردُّ الفروعِ إلى الأصول. (٣)

[الوجه الثاني: توجيه العلماء لهذا اللفظ.]

١ - إنما قيل: (قريب) لأن الرحمة والغفران في معنى واحد، وقال الأخفش: جائز أن تكون الرحمة ههنا في معنى: المطر. (٤)

٢ - الرحمة والرحم عند العرب واحد فحملوا الخبر على المعنى، فذُكِّر -قريب- على معنَى: الرُّحْم (٥)، وقيل: على معنى: الفَضْل. (٦)


(١) ذكره ابن جني في الخصائص (٢/ ٤١٥) وابن منظور في اللسان (٩/ ٩٩ مادة خوف) وغيرهما ولم ينسبوه لقائل.
(٢) ديوان الحماسة (١/ ٤٧) ونسبه إلى رويشد بن كثير الطائي.
(٣) نضرة الإغريض في نصرة القريض للمظفر بن الفضل العلوي؛ الفصل الثاني: فيما يجوزُ للشاعر استعمالُه وما لا يجوز وما يُدركُ به صوابُ القولِ ويجوز، وانظر فقه اللغة للثعالبي ٣٣٢؛ فصل في حمل اللفظ على المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر.
(٤) معاني القرآن للزجاج ٢/ ٣٤٤.
(٥) رَحِمَهُ رُحْمًا ورُحُمًا ورَحْمةً ورَحَمَةً -حكا الأَخيرة سيبويه- ومَرحَمَةً، أما الرَّحِمُ والرِّحْمُ: بيت مَنْبِتِ الولد ووعاؤه في البطن. والرَّحِمُ رَحِيمُ الأُنثى وهي مؤنثة. والرُّحْمُ والرُّحُمُ في اللغة العطف والرَّحْمةُ. قال رؤبة: يا مُنْزِلَ الرُّحْمِ على إِدْرِيس ومنزل اللعن على إبليس. لسان العرب لابن منظور رحم ١٢/ ٢٣٠ وما بعدها.
(٦) المخصص لابن سيده ٥/ ١٠٨. باب: ما جاء على فَعُول مما هو صِفَة في أكثَر الكلامِ واسمٌ في أقَلِّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>