للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال النووي: وَالصَّوَاب الْمُخْتَار: أَنَّ التَّحْرِيم وَالْإِبَاحَة كَانَا مَرَّتَيْنِ، وَكَانَتْ حَلَالًا قَبْل خَيْبَر، ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْم خَيْبَر، ثُمَّ أُبِيحَتْ يَوْم فَتْح مَكَّة وَهُوَ يَوْم أَوْطَاس لِاتِّصَالهِمَا، ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْمئِذٍ بَعْد ثَلَاثَة أَيَّام تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَاسْتَمَرَّ التَّحْرِيم (١).

[الشبهة الثامنة: قالوا: إن نكاح المتعة أبيح بالقرآن، والنسخ كان بالسنة، والسنة لا تنسخ القرآن، وبأن النسخ بالسنة حديث آحاد.]

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: نكاح المتعة أبيح بالسنة، وليس بالقرآن.]

فقد استدلوا على إباحتها بقوله سبحانه وتعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} (النساء: ٢٤)، وقالوا: هي في نكاح المتعة، وهذا ليس بصحيح؛ فإن الآية عند جمهور أهل العلم إنما هي في النكاح الشرعي، وقد قدمنا بيان ذلك فيما سبق.

قال ابن الجوزي: وقد تكلف قوم من مفسّري القُرّاء، فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة، ثم نسخت بما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن متعة النساء، وهذا تكلُّف لا يُحتاج إليه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز المتعة، ثم منع منها فكان قوله منسوخًا بقوله. وأما الآية، فإنها لم تتضمّن جواز المتعة. لأنه تعالى قال فيها: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (النساء: ٢٤)، فدل ذلك على النكاح الصحيح.

قال الزجاج: ومعنى قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت، وهو قوله: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: عاقدين التزويج: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي مهورهن. ومن ذهب في الآية إلى غير هذا، فقد أخطأ، وجهل اللغة. (٢)


(١) شرح مسلم للنووي (٥/ ٢٠١: ٢٠٢).
(٢) زاد المسير (٢/ ٥٤: ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>