للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثالثة: هل اللعان طلاق أم فسخ؟]

وفُرقة اللعان فسخ. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: هي طلاق؛ لأنها فرقة من جهة الزوج تختص النكاح فكانت طلاقًا كالفرقة بقوله: أنت طالق، ولنا أنها فرقة توجب تحريمًا مؤبدًا فكانت فسخًا كفرقة الرضاع، ولأن اللعان ليس بصريح في الطلاق ولا نوى به الطلاق فلم يكن طلاقًا كسائر ما ينفسخ به النكاح، ولأنه لو كان طلاقًا لوقع بلعان الزوج دون لعان المرأة. (١)

وقال الشوكاني: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّه فَسْخٌ، وَذَهَب أَبُو حَنِيْفَةَ وَرِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ (٢).

[الرابعة: عدة اللعان.]

وَكَّلَ فُرْقَةٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَعِدَّتها عِدَّةُ الطَّلَاقِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِخُلْعٍ، أَوْ لِعَانٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ فَسْخٍ بِعَيْب، أَوْ إعْسَارٍ، أَوْ إعْتَاقٍ، أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ، أَوْ غَيرِهِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عِدَّةَ الْمُلَاعَنَةِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ.

وَأَبَى ذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالُوا: عِدَّتها عِدَّةُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ فِي الْحَيَاةِ، فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ. (٣)

[الوجه الثالث: سبب النزول، وتفسير آيات اللعان.]

أولًا: سبب نزول الآية الكريمة.

عن ابن عباس: أنَّ هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: البينة أو حد في ظهرك، فقال: يا رسول اللَّه، إذا رأي أحدنا مع امرأته رجلًا ينطلق يلتمس


(١) المغني (١٧/ ٣٢٧).
(٢) نيل الأوطار (١٠/ ٣٤٧)، وقال الألباني: "المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدًا" (صحيح)، والحديث صالح للاحتجاج به على أن فرقة اللعان إنما هي فسخ، وهو مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، وذهب أبو حنيفة إلى أنه طلاق بائن، والحديث يرد عليه، وبه أخذ مالك أيضًا والثوري وأبو عبيدة وأبو يوسف. وهو الحق الذي يقتضيه النظر السليم في الحكمة من التفريق بينهما على ما شرحه ابن القيم رحمه اللَّه تعالى في زاد المعاد، وإليه مال الصنعاني في سبل السلام. انظر: السلسلة الصحيحة (٥/ ٥٩٨).
(٣) المغني لابن قدامة (١٧/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>