للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاضرين إنك أديت الأمانة إك الله تعالى فأدوا إليك الأمانة ولو رتعت رتعوا، وينبغي أن يعرف أن أولي الأمر كالسوق ما نفق فيه جلب إليه هكذا قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: فإن نفق فيه الصدق والبر والعدل والأمانة جلب إليه ذلك وإن نفق فيه الكذب والفجور والجور والخيانة جلب إليه ذلك، والذي على ولي الأمر أن يأخذ المال من حله ويضعه في حقه ولا يمنعه من مستحقه وكان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذا بلغه أن بعض نوابه ظلم يقول: اللهم إني لم آمرهم أن يظلموا خلقك أو يتركوا حقك. (١)

ومن حق الحاكم جواز أخذ ما يكفيه من ييت المال لقيامه بمصالح المسلمين: فعن عبد الله بن السعدي أنه قدم على عمر في خلافته فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالًا فإذا أعطيت العمالة كرهتها فقلت بلى فقال عمر: ما تريد إلى ذلك قلت إن لي أفراسًا وأعبدًا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين قال عمر لا تفعل فإني كنت أردت الذي أردت فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالًا فقلت أعطه أفقر إليه مني فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وإلا فلا تتبعه نفسك". (٢)

وقال الله -عَزَّ وَجَلَّ- {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: ٦٠]، وفي هذه الآية والحديث الدليل الواضح على أن من اشتغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك كالولاة والقضاة وجباة الغني وعمال الصدقة وشبههم لإعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر العمالة على عمله، وكان شريح القاضي يأخذ على القضاء أجرًا، وقال عمر: إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم إن استغنيت منه استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف. (٣)

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "لما استخلف أبو بكر الصديق قال: لقد علم قومي أن


(١) السياسة الشرعية صـ ٣٥ - ٣٧.
(٢) أخرجه البخاري (٧١٦٣).
(٣) مصنف ابن أبي شيبه (٦/ ٤٦٠)، وصححه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٣/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>