هوازن، وهو إنما مَنَّ على مَنْ لم يقاتله منهم كما قال: من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.
فلما كف جمهورهم عن قتاله، وعرف أنهم مسلمون أطلقهم، ولم يغنم أموالهم ولا حريمهم، ولم يضرب الرق لا عليهم ولا على أولادهم، بل سماهم الطلقاء من قريش، بخلاف ثقيف، فإنهم سموا العتقاء، فإنه أعتق أولادهم بعد الاسترقاق والقسمة، وكان في هذا ما دل على أن الإمام يفعل بالأموال والرجال والعقار والمنقول ما هو أصلح، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فتح خيبر فقسمها بين المسلمين، وسبى بعض نسائها، وأقر سائرهم مع ذراريهم حتى أجلوا بعد ذلك، فلم يسترقهم، ومكة فتحها عنوة ولم يقسمها لأجل المصلحة.
ولو فتح الإمام بلدًا وغلب على ظنه أن أهله يسلمون ويجاهدون جاز أن يمن عليهم بأنفسهم وأموالهم وأولادهم، كما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأهل مكة، فإنهم أسلموا كلهم بلا خلاف، بخلاف أهل خيبر فإنه لم يسلم منهم أحد، فأولئك قسم أرضهم؛ لأنهم كانوا كفارًا مصرين على الكفر، وهؤلاء تركها لهم؛ لأنهم كلهم صاروا مسلمين (١).