وقد روى الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه ابناه: يوسف ومحمد، وأبو هريرة وأبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وعطاء بن يسار وغيرهم، وشهد مع عمر - رضي الله عنه - فتح بيت المقدس، والجابية وقد عده بعضهم من البدريين، وأما ابن سعد: فذكره في الطبقة الثالثة ممن شهد الخندق وما بعدها وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين من الهجرة.
فها نحن نرى: أنه كان من أعلم اليهود بشهادتهم، وأنه كان من علماء الصحابة بعد إسلامه وبحسبه فضلًا: شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه من أهل الجنة وشهادة أصحاب رسول الله له كما سمعت، فهل يجوز في العقل أن يشهد النبي بالجنة لرجل يصدر منه الكذب، وفى أي شيء؟ في الحديث ثم هو صحابي والصحابة كلهم عدول، فمن المستبعد جدًّا أن يكذب في الرواية، ولم أر أحدًا من علماء الجرح والتعديل، وأئمة العلم والدين تناوله، أو ذكر فيه ما يخدش عدالته إلا ما كان من الكتاب المتأخرين الذين تأثروا بكلام المستشرقين، وأتباعهم، ونوايا المستشرقين ولاسيما اليهود منهم نحو (الإسلام، والنبي - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة) موسومة بالخبث والعداوة وسوء الظن، ولا أدرى كيف نعدل عن كلام الأئمة الأثبات ونأخذ بكلام المستشرقين؟ .
وأحب أن أقرر هنا: أن حفاظ الحديث، ونقاده البصيرين به قد تعرضوا لكل المرويات عن عبد الله بن سلام وغيره، وبينوا الصحيح من الضعيف، والمقبول من المردود.
ونحن لا ننفي أن عبد الله بن سلام، روى بعض ما علمه من معارف أهل الكتاب وثقافتهم، ورُويت عنه ولكن الذي ننفيه: أن يكون ألصق هذه المرويات بالنبي ونسبها إليه زورًا وأنه كان وضاعًا كذابًا، ومن يرى خلاف هذا فنحن نطالبه بالحجة والبرهان، وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين للهجرة (١).
[شبهة أخرى: الرد على اتهامهم كعب الأحبار]
أولًا: التعريف بكعب الأحبار.
(١) تهذيب التهذيب (٥/ ٢١٩)، الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة (١٤٢).