للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض المفكرين: إن صلاة الصبح تُؤدى بعد راحة طويلة بالنوم بالليل، ومع ذلك جعلها الله ركعتين ولم يجعلها أربعًا أو أكثر، وذلك للسرعة في استئناف العمل من أجل الرزق والمهمات الأخرى.

وقد كره العلماء السهر الطويل بعد العشاء لغير حاجة؛ وذلك من أجل راحة الجسم بالنوم، وعدم فوات صلاة الصبح التي قال الله فيها: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (الإسراء: ٧٨).

وإذا كان هناك قلة من الناس يعملون بالليل فيتعرضون لضياع صلاة الصبح، فإن القلة لا تحكم على الكثرة، ومع ذلك فمن الممكن أن تنظم أوقات العمل حتى لا يضيع أي فرض من فروض الصلاة ليلًا أو نهارًا.

وفي الصحيحين أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "يعقد الشيطانُ على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة كلها، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" (١).

وفي الصحيحين أيضًا أن رجلًا ذُكِر عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنه" (٢).

خَصَّ الْأُذُنَ لِأَنَّهَا حَاسَّةُ الِانْتِبَاهِ؛ قَالَه إبْرَاهِيمُ الحَرْبِيّ (٣):

ومعناه: نام عن المكتوبة، وقيل: عن قيام الليل.

[الوجه الثاني: بيان معنى الحديث.]

البَوْل واحد الأَبْوال، بال الإِنسانُ وغيرُه يَبُول بَوْلًا، واستعاره بعض الشعراء فقال: بالَ سُهَيْلٌ في الفَضيخِ فَفَسَد، والاسم البِيلَة كالجِلْسة والرِّكْبة، وكَثْرَةُ الشَّرابِ مَبْوَلة بالفتح، والمِبْوَلة بالكسر كُوزٌ يُبال فيه، ويقال لنُبِيلَنَّ الخَيْلَ في عَرَصاتكم ... وفي الحديث:


(١) البخاري (١١٤٢)، ومسلم (١٨٥٥).
(٢) فتاوى الأزهر (٩/ ١٧٤).
(٣) الفروع (٢/ ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>