للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دور صهيب، وسلمان، وكعب - رضي الله عنهم -]

١ - فصهيب لم يكن من الأثرياء، بل كان فقيرًا معدمًا مستضعفًا (١).

نعم: ذكروا أنه ترك ماله ليهاجر، وأن أهل مكة لم يسمحوا له حتى ترك كل ماله، ولكن لم يذكروا أن هذا المال كان كثيرًا بحيث كان من الأثرياء، وحتى لو كان فلماذا ترك هذا الثراء وتبع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ألا يدل هذا أن صهيبًا عرف صحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ ، وسلمان لم يكن مسيحي الأصل بل كان مجوسيًا، ثم تنصر، ثم أسلم بعد وصية الراهب النصراني له بذلك؛ انظر حديثه الطويل في قصة إسلامه في مسند أحمد (٢). وعبد الله بن سلام لم يكن الوحيد الذي أسلم من اليهود، فهناك الغلام اليهودي جار النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي عاده من مرضه فأسلم، وصفية بنت حيي بن أخطب وغيرهم (٣).

وفي شرح الحديث المتفق عليه: "لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي يهود" حيث قال: (المُرَاد عَشَرَة مُخْتَصَّة وَإِلَّا فَقَدْ آمَنَ بِهِ أَكْثَر مِنْ عَشَرَة، وَوَقَعَ عِنْد ابْن حِبَّان قِصَّة إِسْلَام جَمَاعَة مِنْ الْأَحْبَار كَزَيْدِ بْن سَعَفَة مُطَوَّلًا، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ يَهُودِيًّا سَمِعَ النَّبِيّ (يَقْرَأ سُورَة يُوسُف فَجَاءَ وَمَعَهُ نَفَر مِنْ الْيَهُود فَأَسْلَمُوا كُلّهمْ) اهـ بتصرف واختصار. وكعب الأحبار لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هو من التابعين (٤).

الوجه الثالث: نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - أمر أزلي وليس تنظيمًا مدبرًا. فالنبوة وكرم الأخلاق لا تأتي بالتخطيط والتوقع؛ قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ} [القصص: ٨٦]، فنبوة محمد أمر أزلي، وهذا ما يعلمه ورقة فلماذا كل هذا التعب من ورقة لجعل محمد نبيًا؟ فورقة قام بمخطط مدروس ومصمم قبل أن


(١) انظر ترجمته في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ٣/ ٤٤٩.
(٢) مسند الإمام أحمد (٢٣٢٢٥) وتقدم تخريجه في الشبهة السابقة.
(٣) انظر فتح الباري لابن حجر (٧/ ٣٢٢).
(٤) انظر كتاب الأعلام للزركلي (٥/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>