بتخليتها فرأى في المنام ملكًا أوقفه على حقيقة الحال، فلما ولدت بقيت عنده مع عيسى - عليه السلام - فجعل يربيه ويتعهده مع أولاد له من زوجة غيرها، فأما هي فلم يكن يقربها أصلًا، والمسلمون لا يسلمون أنها كانت معقودًا عليها ليوسف، ويسلمون أنها كانت خطيبته، وأنه تعهدها وتعهد عيسى - عليه السلام -، ويقولون: كان ذلك لقرابته منها.
قال القرطبي: وذكر أيضًا من قصصها أنها خرجت فارة مع رجل من بني إسرائيل يقال له يوسف النجار، كان يخدم معها في المسجد وطوَّل في ذلك.
قال الكلبي: قيل ليوسف - وكانت سميت له أنها حملت من الزنى - فالآن يقتلها الملك، فهرب بها، فهم في الطريق بقتلها فأتاه جبريل - عليه السلام - وقال له: إنه من روح القدس، قال ابن عطية: وهذا كله ضعيف.
[الوجه السادس: وماذا قالوا عن مريم في الكتاب المقدس؟]
أقول: أنا أعتقد أن اليهود حينما سخروا من مريم - عليها السلام - أم المسيح فقالوا لها: يا أخت هارون، أعتقد أنهم كانوا يهزءون بها ويشبهونها بمريم التي هي أخت هارون فعلًا، والتي أخطأت فجزاها الله بمرض البرص، والقرآن حينما يتحدث عن قول اليهود لها: يا أخت هارون؛ كانوا يشبهونها بأخت هارون وموسى التي أخطأت، ويشبهون خطيتها بخطية مريم التي أبوها عمران وأمها يوكابد (التي هي عمة أبوها) أخت موسى - عليه السلام - وهارون - عليه السلام -، وهذا ظني، والله تعالى أعلى وأعلم.