للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يقول: (الَّذِي حَاجَّ إِبْرَهِيمَ فِي رَبِّهِ: نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ).

وهذا لا يثبت عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -؛ وعلته أن فيه رجلًا من بني أسدٍ وهو مجهولٌ فالإسناد ضعيفٌ. (١)

وبهذا يتضح أنه لم يصح عن واحدٍ من الصحابة القول بأن (نمرود) هو الذي حاج إبراهيم في ربه فضلًا عن أن يجتمعوا على هذا القول.

إذن فنقل الإجماع عن الصحابة في هذا الأمر لا يصح.

[الوجه السادس: موقف دين الإسلام فيما نقل عن الكتب السابقة.]

عند النظر إلى هذا الاعتراض نجد أن هناك سؤالًا يطرح نفسه: ما موقف الإسلام من الكتب السابقة (التوراة والإنجيل) وكيف يتعامل معها؟ وهل يصح اعتبارها مصدرًا للتشريع، أو سبيلًا للمعرفة - لا سيما فيما يتعلق بأخبار آخر الزمان وأوله -؟

فنقول - وبالله التوفيق -: إن شرعنا لم يغفل هذه القضية ولم يغض الطرف عنها، فالتوراة والإنجيل في نظر الشرع كتبٌ سماوية طرأ عليها التحريف والتبديل؛ لأن الله لم يتكفل بحفظها، ولكن مع تحريفها فقد بقي فيها بعض الحق - كثيرًا أو قليلًا - وهي بذلك لم تفقد قدسيتها بالكامل، لذلك فقد كان موقف الشرع متوازنًا مع هذا الواقع.

فبعد أن صحح الشرع النظرة إلى هذه الكتب، وبَيَّنَ أنها كتبٌ فيها الحق والباطل، جاء بميزان الله الذي لا يحيد عن العدل، فجعل ما في تلك الكتب على قسمين:


= قال ابن حبان: لم يسمع من ابن عباس. جامع التحصيل (١/ ١٤٨).
فلا شيء نعلمه ثبت عن ابن عباس في ذلك.
(١) تفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٢٧١) وهذا لا يثبت عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعلته أن فيه رجل من بني أسد وهو مجهول فالإسناد ضعيف.
ولا يُقْبَلُ حديثُ المُبْهَمُ ما لم يُسَمَّ؛ لأنَّ شرطَ قَبولِ الخَبَرِ عدالَةُ راويهِ، ومَن أُبْهِمَ اسمُه لا تُعْرَفُ عَيْنُهُ، فكيفَ تُعْرَفُ عدالَتُهُ؟ ! نُزْهَةِ النَّظَر (١/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>