والمتروكين، وقد ترجم له الإمام الذهبي ترجمة قصيرة في (تذكرة الحفاظ)، وتوسع ابن عساكر في ترجمته في (تاريخ دمشق)، وأطال أبو نعيم في (حلية الأولياء) في أخباره، وعظاته وتخويفه لعمر، وترجم له الحافظ ابن حجر في (الإصابة) و (تهذيب التهذيب)، وتكاد تتفق كلمة النقاد على توثيقه. (١)
أما من جهة بيان غرض البخاري من ذكر عبارة سيدنا معاوية في صحيحه فيؤخذ من قول الإمام العيني في شرحها ما نصه (مطابقته للترجمة في ذكر كعب الأحبار الذي كان يتحدث من الكتب القديمة ويسأل عنها أحبارهم) ومنه يعلم أن غرض البخاري هو الاحتجاج بكعب الأحبار في دفع التعارض بين النهي في الترجمة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء" وبين الأمر في قول الله تعالى: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}(يونس: ٩٤) بأن كعبًا كان ممن يسألون؛ لأنه قرأ الكتاب من قبل ثم أسلم وشهد له سيدنا معاوية بأنه من أصدق المحدثين عن أهل الكتاب، والنهي هو عن سؤال من لم يسلم كما نص عليه في الفتح في آخر شرح هذه الترجمة، وهذا يدل على عظيم ثقة الإمام البخاري بكعب الأحبار؛ لأن احتجاجه به في أمر الدين كما أن ذكره أبلغ في الدلالة على ثقته به من الرواية عنه وعلى أنه لم يمنعه من الرواية عنه إلا عدم وفرة السند الصحيح له إليه على شرطه المعروف ومثل كعب في ذلك كمثل الإمام أبي حنيفة، وكثير من أوثق المحدثين الذين لم تذكر لهم رواية في البخاري للسبب المذكور والإمام الشافعي لم يكن له رواية في البخاري وإنما له شيء يسير في التعليقات فقط فلا يقال: إن البخاري امتنع عن الرواية عن هؤلاء الأئمة لعدم ثقته بهم فلا عجب حينئذ ممن عد كعبًا من رجال البخاري؛ لأنه متى علم السبب بطل العجب واتضح أن صاحب التهذيب مصيب في عد كعب الأحبار من رجال البخاري وأن ذكر حرف (خ) رقمًا على أخذ
(١) الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة (١٤٤).