للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أنسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَوَ الله إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الْفَقْرَ، فَقَالَ أَنَسٌ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا فَمَا يُسْلِمُ حَتَّى يَكُونَ الْإِسْلَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا. (١)

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: هِيَ الشَّمْلَةُ، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله أَكْسُوكَ هَذِهِ فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إليهَا فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله مَا أَحْسَنَ هَذِهِ! فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ: "نَعَمْ"، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَامَهُ أَصْحَابُهُ قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إليهَا ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ! فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا. (٢)

وفي روايةٍ: قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ.

وفي روايةٍ: فَجَلَسَ مَا شَاءَ الله فِي المَجْلِسِ ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إليه.

قيل: ويحتمل أن يكون المراد بهذه الكثرة الدراهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم بين رجلين من النعم والشاه ما هو أكثر من هذا المال المذكور في هذا الحديث.

[الوجه السادس: حال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند رحيله من الدنيا وأنه ما كان يملك إلا أقل القليل.]

ومما يَرُدُّ أيضًا على هذه الفرية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ارتحل من الدنيا ولم يكن له فيها إلا أقل القليل، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً. (٣)

وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ (٤).


(١) مسلم (٢٣١٢).
(٢) البخاري (٦٠٣٦).
(٣) البخاري (٢٥٨٨).
(٤) البخاري (٣٠٩٧)، (٦٤٥١)، مسلم (٢٩٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>