للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتوافر له مظاهر الحياة ومقوماتها (١).

فعندما نعلم أن الماء يدخل في تركيب الخلايا نفسها بل هو عنصر هام في تركيبها، وأن هذه الخلايا هي وحدة بناء كل كائن حي - فلا نتعجب حينئذ عندما تخبرنا الآية أن كل شيء مخلوق من الماء حتى وإن لم نرى ذلك.

وإذا نظرنا إلى العلم الحديث نجد أنه يقرر أن الحياة ظهرت على هذه الأرض أول ما ظهرت على شواطئ المسطحات المائية حيث يتكون بجوارها الطين الذي نشأ منه النبات فالحيوان فالإنسان، وأن هذا التطور في حالات الطين وأشكاله حدثت عبر ملايين السنين حتى أثمرت، وكان أكمل وأكرم ثمره من ثمارها في النهاية هو الإنسان، والقرآن الكريم لم يبين لنا كيف تفرعت هذه الشجرة حتى كان الإنسان أحد فروعها، ولكنه أشار في أكثر من آية إلى الصلة الوثيقة بين الإنسان وعالم الأحياء الناشئ من الماء الممزوج بالتراب، ففي قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} (النور: ٤٥)، وقوله سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (الأنبياء: ٣٠) دلالة قوية على أن الأحياء كلها ومنها الإنسان مخلوقة من مادة واحدة هي الماء (٢).

[الوجه السادس: ماذا في الكتاب المقدس عن ذلك؟]

أما التوراة ففي سفر التكوين (١/ ١ - ٢): فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللَّه يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.

هكذا بدأ وأنشأ اللَّه السماوات والأرض جميعًا دفعة واحدة، ولم يذكر شيئًا عن الماء، أين كان اللَّه إن كانت روحه ترف وتحوم حول الماء؟ ! أكان بلا روح، أم هو الذي تجسد فصار هذا الحيز الضئيل كالحمامة؟ ! خلق الكون كله وهو جزء صغير منه؟ !

(لِيَكُنْ نُورٌ، فَكَانَ نُورٌ. ٤ وَرَأَى اللَّه النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ.)


(١) تفسير القطان (٢/ ٤٣١).
(٢) القرآن وإعجازه العلمي (١/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>