للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيدك حيث إن الوحيد قد يكون بكرًا وقد يكون غير بكر بافتراض موت البكر أو اغترابه.

ولم يكن إسحاق وحيد إبراهيم في يوم من الأيام ولم يكن أيضًا (بكره) وإنما كان إسماعيل هو البكر وحده، وانطبق عليه وصف (الوحيد) مدة أربعة عشر عامًا قبل مولد إسحاق وهي الفترة التي يرجح أن تكون حادثة الذبح والفداء قد تمت فيها (١).

وعلى هذا فإن إسماعيل هو بكره ووحيده باتفاق الملل الثلاث، فالجمع بين كونه مأمورًا بذبح بكره وتعيينه بإسحاق جمع بين النقيضين، وأهل الكتاب حرفوا في ذلك فبدلوا وزادوا (٢).

وكما يقول الدكتور محمد أبو شهبة: فإن اليهود حينما حرفوا التوراة ليتم لهم ما أرادوا أبى الله سبحانه إلا أن يغفلوا عما يدل على هذه الجريمة النكراء والجاني -غالبًا- يترك ما يدل على جريمته، والحق يبقى له شعاع ولو خافت يدل عليه مهما حاول المبطلون إخفاء نوره وطمس معالمه، فقد حرفوا من التوراة لفظ إسماعيل ووضعوا بدلًا منه إسحاق ولكنهم غفلوا عن كلمة وحيدك التي كشفت عن هذا التزوير وذلك الدس المشين (٣).

[٣ - الاستدلال بوصفه أنه يحبه]

الملاحظة الثانية: وصفه بأنه يحبه من خلال قراءة نص التوراة اليهودية الواردة في سفر التكوين نلاحظ أنه وصف الذبيح بقوله: (خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ)، فقد وصف بأن الوالد يحبه وهذا ينطبق على إسماعيل، وأنه الأجدر بالجمع بين الأوصاف الثلاثة معًا أنه الابن الوحيد لإبراهيم (قبل مولد إسحاق)؛ الابن البكر؛ الابن الذي يحبه إبراهيم. وليس معنى هذا أن إبراهيم -عليه السلام- لم يكن يحب إسحاق -عليه السلام- حاشا وكلا- إنه كان يحبه وفرح به قبل أن يولد حين بشر به ولكنه كان يحب إسماعيل أكثر لأنه كان وحيده طوال أربعة عشر عامًا، ولأنه ابنه البكر وغالبًا فإن الأب يخص ابنه البكر بمحبة تفوق محبة إخوته الباقين.


(١) قصة الذبيح د. فتحي محمد الزغبي ص ٣٥ - ٤٩، الرأي الصحيح في من هو الذبيح ص ٥١ - ٥٢.
(٢) مجموع الفتاوى ٤/ ٣٣٢، إغاثة اللهفان ٢/ ٤٨٤.
(٣) الإسرائيليات والموضوعات صـ ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>