للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها- قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الْمَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَبِلَالٌ. قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا. فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ! كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ يَقُولُ:

أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ (١)

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخْبرتُهُ، فَقَالَ: اللهم حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا، فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ (٢).

وقد أورد البخاري في كتاب المرضى في صحيحه باب (عيادة النساء الرجال)، قال: "وعادت أم الدرداء رجلًا من الأنصار". (٣)

قلت: وفي الحديث دلالة على جواز عيادة النساء الرجال بالشرط المذكور آنفًا، وذلك لأن عائشة -رضي اللَّه عنها-، عادت بلالًا، وهو أجنبي كما هو معروف.

[الثاني عشر: خروج المرأة للعرس]

ويجوز للمرأة أن تخرج للعرس، ودليل ذلك ما يلي:

١ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-، قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ، فَقَامَ مُمْتَنًّا (٤)، فَقَالَ: اللهم أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ (٥).

٢ - عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها-، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ،


(١) (شامة وطفيل) جبلان قرب مكة.
(٢) البخاري (١٨٨٩)، ومسلم (١٣٧٦).
(٣) البخاري ٥/ ٢١٤٠. وقال: وذلك مشروط بالتستر وأمن الفتنة وعدم الخلوة.
(٤) (فقام ممتنًا) أي، قام إليهم مسرعًا مشتدًّا في ذلك فرحًا بهم، وفي رواية (فقام ممثلًا) أي: انتصب قائمًا.
(٥) البخاري (٣٧٨٥)، ومسلم (٢٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>