للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - إنكار أمية الرسول - صلى الله عليه وسلم -]

[تمهيد]

ويتمثل ذلك في إنكار البعض ما استفاضت شهرته من إثبات أمّيّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، متغافلين عن نصوص الوحيين الصريحة في ذلك، ثم ساقوا لتأييد أطروحتهم جملة من الأدلة، مستصحبين معهم أسلوبهم الشهير في تحريف النصوص وليّ أعناقها، واستنباط ما لا يدل عليه النص أبدًا، لا بمنطوقه ولا بمفهومه، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إننا نجد منهم اللجوء إلى الكذب الصراح، متى ما كان ذلك موصلًا إلى هدفهم من التضليل والتشويش.

وحول أمية الرسول - صلى الله عليه وسلم - قامت عدة شبهات وهي:

[الشبهة الأولى: ادعاؤهم أن لفظ (الأمي) يساوي لفظ (أممي).]

نص الشبهة: أن أمي: هو غير يهودي أو غير كتابي وليس معناها الذي لا يعرف الكتابة والقراءة. ثم يدعم شبهته بتفسير محرف آخر لقوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)} [البقرة: ١٢٩]، والدليل على ذلك -بحسب زعمه- أن قريشًا كانوا يتهمون الرسول بأنه يؤلف القرآن. وهي تهمة كان من شأنها أن تبدو مستحيلة، ومضحكة لو كان الرسول حقًّا لا يحسن القراءة والكتابة. لم يأخذ القرآن لفظة أمي أميين بمعناها اللغوي، بل أخذها بمعناها الاصطلاحي. وهذا ما دل عليه الواقع القرآني وذلك في قوله: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا} [آل عمران: ٢٠].

[الرد على الشبهة الأولى من وجوه]

[الوجه الأول: سبب هذا الزعم.]

وذلك لأن النصارى يطلقون لفظ (الأمم) على غير المؤمنين برسالة المسيح عليه السلام كما نقرأ في العهد الجديد: (فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ) (متى ٢٨: ١٩)، هذا غير أن (الأمم) مصطلح يهودي مستخدم في العهد

<<  <  ج: ص:  >  >>