للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيِّتٍ} (فاطر: ٩).

- ومن الغيبة إلى الخطاب قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (الفاتحة: ٤ - ٥)، وقول عبد اللَّه بن عنمة:

ما إن ترى السِّيدُ زيدًا في نفوسهم ... كما يراه بنو كوز ومرهوب

إن تسألوا الحق نعطِ الحق سائله ... والدرع محقبة والسيف مقروب. (١)

والالتفات عند ابن الأثير ثلاثة أقسام:

القسم الأول: في الرجوع من الغيبة إلى الخطابِ ومن الخطاب إلى الغيبة. .

القسم الثاني: في الرجوع عن الفعل المستقبل إلى فعل الأمرِ وعن الفعل الماضي إلى فعل الأمر.

القسم الثالث: في الإخبار عن الفعل الماضي بالمستقبلِ وعن المستقبل بالماضي. (٢)

[الوجه الثاني: الغرض من الالتفات عامة.]

واعلم أن الالتفات من محاسن الكلام، ووجه حسنه على ما ذكر الزمخشري هو أن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع، وأكثر إيقاظًا للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد، وقد تختص مواقعه بلطائف كما في سورة الفاتحة؛ فإن العبد إذا افتتح حمد مولاه الحقيق بالحمد عن قلب حاضر ونفس ذاكرة لما هو فيه بقوله: (الْحَمْدُ للِه) الدال على اختصاصه بالحمد وأنه حقيق به - وجد من نفسه لا محالة محركًا للإقبال عليه، فإذا انتقل على نحو الافتتاح إلى قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} الدال على أنه مالك للعالمين لا يخرج منهم شيء عن ملكوته وربوبيته - قوي ذلك المحرك، ثم إذا


(١) الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني ص ٧٢. والأبيات في ديوان الحماسة ١/ ٢٢٨.
(٢) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير ٢/ ٣ وما بعدها. ويلاحظ أن ابن الأثير عبَّر بالخطاب عن المتكلم والمخاطب معًا؛ وبذلك ينتج لنا من جزئي القسم الأول أربعة أنواع، وأنه يُدرج الانتقال من المتكلم إلى الخاطب تحت قسم: الرجوع من الخطاب إلى الغيبة، والانتقال من المخاطب إلى المتكلم تحت قسم: الرجوع من الغيبة إلى الخطاب؛ وبذلك تظهر أمامنا الأنواع الستة التي أوردها الخطيب القزويني.

<<  <  ج: ص:  >  >>