للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٧ - شبهة: ادعاؤهم عصيان يونس - عليه السلام -.]

[نص الشبهة]

قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)} [الأنبياء: ٨٧].

قالوا: لا ذنب أعظم من المغاضبة لله عز وجل، ومن أكبر ذنبًا ممن ظن أن الله لا يقدر عليه وذلك يقتضي كونه شاكًّا في قدرة الله تعالى، وأنه أقر على نفسه أنه كان من الظالمين والظلم من أسماء الذم لقوله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨] ونهى الله تعالى نبيه أن يكون مثله، فإن لم يكن صاحب الحوت مذنبًا لم يجز النهي عن التشبه به؟ ، وإن كان مذنبًا فقد حصل الغرض.

والجواب عن هذه الشبهة من هذه الوجوه:

الوجه الأول: أن الآية دلت على أنه ذهب مغاضبًا ولم تدل على أنه غاضب الله.

الوجه الثاني: أنه ذهب مغاضبًا لربه أي: لأجل ربه.

الوجه الثالث: أنه خرج مغاضبًا لقومه أو للملك الذي كان وقتئذٍ.

الوجه الرابع: شبهات والرد عليها.

وإليك التفصيل،

الوجه الأول: أن الآية دلت على أنه ذهب مغاضبًا ولم تدل على أنه غاضب الله.

وليس في الآية من غاضبه، لكنا نقطع على أنه لا يجوز على نبي الله أن يغاضب ربه؛ لأن ذلك صفة من يجهل كون الله مالكًا للأمر والنهي والجاهل بالله لا يكون مؤمنًا فضلًا عن أن يكون نبيًا. (١)

قال ابن حزم: أما إخبار الله تعالى أن يونس - عليه السلام - ذهب مغاضبًا فلم يغاضب ربه قط، ولا قال الله تعالى أنه غاضب ربه فمن زاد هذه الزيادة كان قائلًا على الله الكذب، وزائدًا


(١) تفسير الرازي ٢٢/ ٢١٤، وعصمة الأنبياء (١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>