للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدس، فقال عبادة: إذا كان يوم القيامة جُمع الناس في صعيد واحد، فينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي، ويقول اللَّه: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥)} {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩)} اليوم لا ينجو مني جبار ولا شيطان مريد، فقال عبد اللَّه بن عمرو: إنا نجد في الكتاب أنه يخرج يومئذٍ عنق من النار، فينطلق معنقًا حتى إذا كان بين ظهراني الناس قال: يا أيها الناس إني بعثت إلى ثلاثة أنا أعرف بهم من الوالد بولده ومن الأخ بأخيه، لا يغنيهم مني وزر، ولا تخفيهم مني خافية: الذي يجعل مع اللَّه إلها آخر، وكل جبار عنيد، وكل شيطان مريد. قال: فينطوي عليهم فيقذفهم في النار قبل الحساب بأربعين -إما قال يومًا وإما عامًا- قال: وجهرع قوم إلى الجنة فتقول لهم الملائكة: قفوا للحساب. فيقولون: واللَّه ما كانت لنا أموال، وما كنا بعمال. فيقول اللَّه: صدق عبادي أنا أحق من أوفى بعهده ادخلوا الجنة. فيدخلون قبل الحساب بأربعين - إما قال يومًا وإما عامًا (١).

الوجه التاسع: أول ما يجتمع الخلائق بعد البعث فهم لا ينطقون في ذلك الموطن ولا يؤذن لهم فيعتذرون، ثم يؤذن لهم في الكلام فيكلم بعضهم بعضًا {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} عند الحساب ثم يقال لهم: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} بعد الحساب.

أولًا: أخرج عبد بن حميد عن أبي الضحى أن نافع بن الأزرق وعطية أتيا ابن عباس، وفيه قال: ويحك يا ابن الأزرق إنه يوم طويل وفيه مواقف: تأتي عليهم ساعة لا ينطقون، ثم يؤذن لهم فيختصمون، ثم يمكثون ما شاء اللَّه يحلفون ويجهدون، فإذا فعلوا ذلك ختم اللَّه على أفواههم ويأمر جوارحهم فتشهد على أعمالهم بما صنعوا، ثم تنطق ألسنتهم فيشهدون على أنفسهم بما صنعوا، قال: ذلك قوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} (٢).


(١) الدر المنثور ١٠/ ١٧١ (المرسلات: ٢٠).
(٢) الدر المنثور ١٠/ ١٧١؛ (المرسلات: ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>