رضيت أن تتولى امرأة من نسائها وزارة الدفاع، أو رئاسة الأركان العامة لجيوشها، أو قيادة فيلق من فيالقها، أو قطع حربية من قطعاتها. -ما عدا في إسرائيل- وليس ذلك مما يضير المرأة في شيء، فالحياة لا تقوم كلها على نمط واحد من العبوس، والقوة، والقسوة والغلظة، ولو كانت كذلك لكانت جحيمًا لا تطاق، ومن رحمة اللَّه أن اللَّه مزج قوة الرجل بحنان المرأة، وقسوته برحمتها، وشدته بلينها، وفي حنانها ورحمتها وأنوثتها سر بقائها وسر سعادتها وسعادتنا.
أما خطبة الجمعة والإمامة في الصلاة فلا ينكر أن العبادة في الديانات -وبخاصة في الإسلام- تقوم على الخشوع وخلو الذهن من كل ما يشغله، وليس مما يتفق مع ذلك أن تعظ الرجال امرأة، أو تؤمهم في الصلاة.
على أن السبب الحقيقي في رأينا ليس هو الخطبة والإمامة، ولا حل المشكلات، وإنما هو ما تقتضيه رئاسة الدولة من رباطة الجأش، وتغليب المصلحة على العاطفة، والتفرغ التام لمعالجة قضايا الدولة، وهذا مما تنأى طبيعة المرأة ورسالتها عنه.
يقول الدكتور/ يوسف القرضاوي: وأما منعها من تولي منصب الخلافة أو رئاسة الدولة وما في حكمها، فلأن طاقة المرأة -غالبًا- لا تحتمل الصراع الذي تقتضيه تلك المسئولية الجسيمة. وإنما قلنا: غالبًا؛ لأنه قد يوجد مِنَ النساء مَنْ يكنَّ أقدر من بعض الرجال، مثل ملكة سبأ، التي قصَّ اللَّه علينا قصتها في القرآن في سورة النمل، -ألا يتعارض هذا مع الحديث (لن يفلح قوم) -، حتى أسلمت مع سليمان للَّه رب العالمين، ولكن الأحكام لا تُبنى على النادر، بل على الأعم الأغلب، ولهذا قال علماؤنا: النادر لا حكم له (١).
[الوجه الرابع: توافق الشرع مع القدر]
إن الإسلام بعد أن أعلن موقفه الصريح من إنسانية المرأة وأهليتها وكرامتها، نظر إلى طبيعتها وما تصلح له من أعمال الحياة، فأبعدها عن كلِّ ما يناقض تلك الطبيعة، أو يحول دون أداء رسالتها كاملة في المجتمع، ولهذا خصَّها ببعض الأحكام عن الرجل زيادة أو