للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: ٥٠]. (١)

الرابع عشر: ومما يدل أيضًا على أن المعزي غير الروح القدس أن يوحنا استعمل في حديثه عن البارقليط أفعالًا حسية (الكلام، والسمع، والتوبيخ) في قوله: "بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتكَلَّمُ بِهِ" وهذه الصفات لا تنطبق على الألسنة النارية التي هبت على التلاميذ يوم الخمسين؛ إذ لم ينقل أن الألسنة النارية تكلمت يومذاك بشيء، وأما الروح فغاية ما يصنعه إنما هو الإلهام القلبي، وأما الكلام فهو صفة بشرية، لا روحية.

وقد فهم أوائل النصارى قول يوحنا بأنه بشارة بكائن بشري، وادَّعى مونتنوس في القرن الثاني (١٨٧ م) أنه البارقليط القادم، ومثله صنع ماني في القرن الرابع فادعَّى أنه البارقليط، وتشبه بالمسيح فاختار اثنا عشر تلميذًا وسبعين أسقفًا أرسلهم إلى بلاد المشرق، ولو كان فهمهم للبارقليط أنه الأقنوم الثالث لما تجرؤوا على هذه الدعوى. (٢)

[البشارة رقم (٦)]

ورد في متّى (١٧: ١٠ - ١٢): "١٠ وَسَأَلَهُ تَلَامِيذُهُ قَائِلِينَ: "فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلًا؟ " "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلًا وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. ١٢ وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ".

[التعليق على البشارة]

وقد فسروا إلياء بأنه نبيّ. وقد ذكر: "إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ". فلا بدَّ من الوفاء بقول المسيح - عليه السلام - إن إلياء يأتي ويُعلِّم الناس كلّ شيء، ولم يأتِ بعد المسيح من علَّم الناس كلّ شيء من أمر الدنيا والآخرة سوى محمّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٣)


(١) انظر: إظهار الحق (٤/ ١١٩١ - ١١٩٧) بتصرف يسير.
(٢) هل بشر الكتاب المقدس بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؟ (ص ١٢٣)، وبشائر عيسى ومحمد في العهد القديم والعهد الجديد، محمد توفيق صدقي (ص ١٣٦ - ١٣٨).
(٣) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل (٢/ ٧١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>