للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمراد من قوله: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} أي أسقطنا عنك تكليف ما لم تُطِقْه، لأن الأنبياء وإن حملوا من أثقال النبوة على ما يعجز عنه غيرهم من الأمة فقد أعطوا من فضل القوة ما يستعينون به على ثقل النبوة، فصار ما عجز عنه غيرهم يسيرًا بالنسبة لهم. (١)

[المعنى العاشر: الوزر: فراق خديجة رضي الله عنها وأبي طالب.]

لئن كان نزول السورة بعد موت أبي طالب وخديجة، فلقد كان فراقهما عليه وزرًا عظيمًا، فوضع عنه الوزر برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياة فارتفع له الذكر، فلذلك قال: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (٢).

[الوجه الثاني: عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الذنوب.]

مما سبق ذكره في معنى الآية يتضح بجلاء عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد فصَّلنا هذا الأمر في أكثر من موضع، فليُراجع لعدم التكرار (٣).

[الوجه الثالث: معاصي بعض الأنبياء كما في الكتاب المقدس.]

[نوح عليه السلام]

تحدثت التوراة عن سُكرِ نبي الله نوح عليه السلام - وحاشاه- وتعريه داخل خبائه، وحينذاك أبصره ابنه الصغير حام، وأخبر أخويه بما رأى فجاءا بظهريهما، وسترا عورة أبيهما الثمِل، فلما أفاق من سكرته وعرف ما فعل ابنه حام الصغير لعن، والقصة بتمامها: وَابْتَدَأَ نُوحٌ يَكُونُ فَلَّاحًا وَغَرَسَ كَرْمًا. وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا. فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ، عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ، فقَالَ: مَلْعُونٌ كَنْعَانُ! (أب الفلسطينيين الذي لا علاقة له بالحادثة، الذي لم يولد حينذاك)، عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ، وَقَالَ:


(١) تفسير الماوردي ٦/ ٢٩٧.
(٢) تفسير الرازي ٣٢/ ٥.
(٣) راجع بدقة معنى الآية، ثم راجع عصمة الأنبياء في هذه الموسوعة المباركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>