للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون للمرأة بسببها طلب التفريق من الزوج، قضاء، وإذا ثبت في المحاكم أرغم القاضي الزوج المسرف على طلاق زوجته، وإن لم يطلقها طلقها القاضي عليه، وفرق بينه وبينها بحكمه". (١)

ومن يرجع إلى السنة النبوية يجد أن الضرب ورد في حال معينة، وهي حال الانحراف في سلوك الزوجة، في بيت الزوجية، وقد ورد الضرب في هذه مقيدًا أيضًا بعدم الشدة:

وهو ذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما حج حجة الوداع - وقف يوم عرفة، وخطب الناس، وعلى ناقته القصواء، بعد أن استنصت الناس، واستشهد اليوم والزمان والمكان، ولخص للناس أمهات شريعتهم، فكان فيما قال لهم: "اتقوا اللَّه في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة اللَّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللَّه، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرح". (٢)

وفسرَّ المحدثون الضرب غير المبرح، بأنه ضرب غير شديد ولا شاق، ولا يكون الضرب كذلك إلا إذا كان خفيفًا، وبآلة خفيفة، كالسواك ونحوه، إذ لم يكن القصد فيه إلى البطش والتعذيب، ولكن إلى التأديب والزجر، والتربية والتوجيه، ومع ذلك قال الشاعر العربي القديم:

رأيت رجالًا يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم أضرب زينبا

ولم يرد في الشريعة ضرب النساء، إلا في هذه المناسبة، وهي مناسبة خطيرة في الحياة الزوجية، وكان الضرب تعزيرًا وتأديبًا، وكان آخر مراحل التأديب والتعزير، ومما تستوجبه طبيعة الحياة الزوجية، وتفرضه التزاماتها.

[أما عن قولهم لماذا لم يبح الإسلام للزوجات ضرب أزواجهن عند الشذوذ، كما أباح للأزواج، وذلك من باب المساواة والعدل؟]

فالجواب: "نحن البشر نعلم جميعًا -فضلًا عن الإله الذي خلقهم وأودع في الرجل صفة الرجولة، وفي النساء معنى الأنوثة- أن المرأة لو أقدمت على ضرب زوجها الناشز تأديبًا له، لتحولت الرجولة التي في كيانه إلى وحشية مستشرية ضارية لا يضبطها لجام


(١) من أجل تحرير حقيقي للمرأة صـ ٢٧: ٢٤.
(٢) مسلم (١٢١٨) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>