للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتهروا بكناهم، وغابت أسماؤهم عن كثير من الناس. (١)

[الوجه الثاني: قيمة الرجل في عمله وليست في اسمه.]

إن الاختلاف في اسم الرجل لا يحط من شأنه، وقيمة الرجل بعمله لا باسمه واسم أبيه، وما جعل الله دخول الجنة وبلوغ مراتب السعادة عنده بالأسماء والكنى والألقاب، ومن زعم مثل هذا فهو جاهل بدين الله عز وجل.

وإن كثيرًا من الصحابة قد اختلف في أسمائهم اختلافًا كبيرًا، ولم ينقص ذلك من أقدارهم وخدمتهم للإسلام وتقدير المسلمين لهم ولأعمالهم. (٢)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الله لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ. (٣) وعنه أيضًا - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه (٤).

ولم نسمع في يوم من الأيام أن الحسب والنسب يقدم صاحبه في المفاضلة العلمية أو يؤخره. (٥)

[الوجه الثالث: الاختلاف في الاسم طبيعي وبدهي، لا في أبي هريرة - رضي الله عنه - وحده، بل في كل إنسان عرف بكنيته منذ نعومة أظفاره.]

إن سبب هذا الاختلاف في اسم أبي هريرة يعود إلى أنه منذ أسلم لم يعرف إلا باسم أبي هريرة، ولم يكن من قريش وقبائلها حتى يعرفه الصحابة باسمه الأصلي، وإنا لنشاهد أكثر المسلمين اليوم لا يعرفون الاسم الحقيقي لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -؛ لأنهم منذ نشئوا لم يعرفوه إلا بكنيته، فأي ضرر في هذا؟ لقد كان من قبيلة دوس، من مكان ناء عن مكة والمدينة، ومنذ أسلم ولزم النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يناد إلا بأبي هريرة. (٦)


(١) أبو هريرة راوية الإسلام لمحمد عجاج الخطيب (٢١٣).
(٢) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (٣٢٠).
(٣) مسلم (٢٥٦٤).
(٤) مسلم (٢٦٩٩).
(٥) أبو هريرة راوية الإسلام (٢١٣).
(٦) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>